تعتنق هذا المذهب، وتتمتع بالاستقرار الروحي، الذي شمل أيضاً ممالك شمال أفريقيا.
ولا تزال بلدان هذه المنطقة تحتفظ باعتناقها لهذا المذهب لحد الوقت الحاضر. ولقد أثر اتخاذ العرب في الأندلس لسياسة المذهب الواحد على الممالك المسيحية المجاورة التي قامت في إسبانيا. فقد اتبعت هى الأخرى سياسة المذهب الديني الواحد واقتصرت على المذهب الكاثوليكي، وتعصبت له، فأصبحت أكثر تمسكاً وتعصباً للبابوية الكاثوليكية من البابا نفسه (١٨).
٣ - القضاء على الثورات والفتن الداخلية:
تعرض عصر الإمارة الأموية إلى العديد من الثورات والفتن الداخلية التي كانت تقوم بها مختلف العناصر التي تألف منها المجتمع الأندلسي الجديد. واشترك في هذه الفتن الفاتحون الذين كانوا يتألفون من القبائل العربية والبربر، كما ساهم فيها أيضاً أهل البلاد الأصليون، سواء منهم من دخل الإسلام كالمولدين، أم من بقي على دينه وتثقف بالثقافة العربية كالمستعربين ولم تندمج هذه الأجناس المختلفة بعضها ببعض، ولهذا فقد كانت الأمور تتوقف على مدى قوة وصلابة الأمراء والحكومة المركزية في قرطبة، فإذا قويت هذه الحكومة، أمكن السيطرة على هذه الأجناس، والقضاء على ما تقوم به من تمرد على السلطة. أما إذا ضعفت الحكومة المركزية، وتولى الإمارة أمير غير حازم، نشطت هذه الجماعات، وقامت بالتمرد ومحاولة الاستقلال عن الإمارة الأموية. وكانت طبيعة البلاد الجغرافية الجبلية تساعد هذه الفئات على ما تريد من التمرد والانشقاق ومحاولة الاستقلال، وسوف نتطرق فيما يأتي إلى أهم الثورات والفتن التي حدثت في عهد الأمراء الأقوياء الأوائل، ومن ثم نشير إلى الفتن والاضطرابات التي سادت أواخر عصر الإمارة، أي في الحقبة التي تميزت بضعف سلطة الحكومة الأموية والتي امتدت من وفاة الأمير عبد الرحمن الثاني في سنة ٢٣٨ هـ/٨٥٢ م إلى سنة ٣٠٠ هـ/٩١٢ م حيث تولى الحكم عبد الرحمن الثالث الناصر لدين الله.
أولاً - ثورة القبائل العربية في عهد عبد الرحمن الأول:
لقد سبقت الإشارة إلى أن سياسة عبد الرحمن الأول الرئيسة كانت تهدف إلى السيطرة القوية على البلاد، والحد من نفوذ رجال القبائل العرب. ولهذا حاول التقليل من الاعتماد عليهم، وخلق قوة جديدة في شبه الجزيرة تعتمد على المماليك والبربر القادمين من شمال أفريقيا. وعندما أدرك رجال القبائل اليمنيون وحلفاؤهم من البربر ما