ولقد استمرت هذه الجماعات في تمردها وانفصالها عن السلطة الأموية، طيلة فترة الفوضى التي أشرنا إليها. ولم يستطع الأمراء أن يقوموا بإجراءات فعالة لاستعادة وحدة البلاد، والقضاء على هذه الفتن على الرغم مما بذلوه من جهد وحملات وجهوها إلى مناطق المتمردين المختلفة. وظهر بوضوح أن الحكم العربي في الأندلس بات على وشك الانتهاء، لولا أن قيض الله لهذا البلد أميراً شاباً نهض بأعباء الحكم، وقضى على كل الفتن والاضطرابات، ونقل البلاد إلى عهد جديد ومرحلة زاهرة، هي مرحلة الخلافة الأموية، ذلكم هو عبد الرحمن بن محمد، حفيد الأمير عبد الله آخر أمراء عهد الإمارة الأموية.
ب - إنجازات الأمراء على الصعيد الخارجي:
تعرضت الأندلس أثناء فترة الإمارة إلى بعض الاعتداءات الخارجية التي حاول الأمراء الأمويون التصدي لها والوقوف بحزم أمام خطرها. ومن أهم هذه الاعتداءات، هجوم شارلمان ملك الكارولنجيين على الأندلس في عهد عبد الرحمن الأول، وغارات النورمان على الأندلس.
١ - هجوم شارلمان على الأندلس:
يعد شارلمان، حفيد شارل مارتل، من أعظم شخصيات الأسرة الكارولنجية التي حكمت مملكة الفرنجة، فقد أصبحت هذه المملكة القوة الرئيسة للمسيحية في أوروبا، وكان يثيرها نمو القوة العربية الإسلامية في الأندلس. لذلك فقد كانت تحاول دائماً الاستفادة من الاضطرابات الداخلية التي تحدث في الأندلس، وتشجع روح التمرد والخلاف على الأمراء الأمويين. وحدث في عهد عبد الرحمن الأول أن تمرد بعض الزعماء العرب في منطقة سرقسطة يتزعمهم سليمان بن يقظان الكلبي الأعرابي والحسين ابن يحيى الأنصاري. ثم أخذ تمردهما بعداً خطيراً حين قررا الاستعانة بشارلمان ملك الكارولنجيين لتحقيق مآربهما وأطماعهما في الحكم. فقد استدعى سليمان شارلمان، الذي تسميه المصادر العربية باسم (قارلة)، إلى بلاد المسلمين، ووعده بتسليم مدينة