الباردة وإرسال الجواسيس لاقتناص المعلومات إلى استخدام القوة وتناطح أساطيل كلا الطرفين، وإذا كان لكل طرف من الأطراف وسائله وأهدافه فهو في نفس الوقت يمتلك الإجراءات الوقائية لتحركات الطرف المضاد.
فمنذ استقرار الأمور لعبيد الله المهدي أول خلفاء الدولة الفاطمية، بدأ يتطلع بنظره إلى ناحية مصر والأندلس وباتت الأحلام تراوده لفصل المغرب الإسلامي بأجمعه وجعله تحت نفوذ دولته نكاية بالخلافة العباسية، وبدأت مشاريعه مبكرة ففي سنة ٣٠١ هـ أرسل حملة عسكرية إلى مصر وعلى الرغم من أن حملته هذه لم تحقق الغرض المقرر لها، إلا أن الدولة الفاطمية استفادت كثيراً لاستكشاف قوة مصر العسكرية، وقدرة السلطة الحاكمة فيها على تعبئة القوات.
أما الأندلس فكانت هي الأخرى هدفاً للدولة الفاطمية ومع بداية الحرب الباردة بين الطرفين لم يعدم الفاطميون الرجال (٢٥) الذين دخلوا الأندلس لجمع المعلومات عن أحوالها وقدراتها العسكرية والاقتصادية، والوقوف على مواطن القوة والضعف في البلاد.
وعلى الرغم من ضغوط الفاطميين الشديدة على الأندلس في عهد المهدي وخلفائه من بعده فلم يتمكن الفاطميون من تحقيق النجاح الكافي لدعوتهم أو ترويج تلفيقاتهم في الأوساط الأندلسية اللهم إلا عند بعض الأنصار الذين التحقوا بعد ذلك بخدمة الفاطميين لأكثر من سبب وعند بعض المتمردين والخارجين على السلطة الشرعية من الذين والوا الدولة الفاطمية طمعاً في المساعدات العسكرية، مع استعداد هذه الدولة التام لإمداد كل المتمردين ما دام ذلك الإمداد يشكل إدامة لتواصل الاضطراب في أمن الأندلس.
وقد فشلت كل مخططات الدولة الفاطمية ضد الأندلس بفضل سياسة عبد الرحمن الناصر ويقظة أجهزته التي تمكنت من كشف جميع المؤامرات قبل تنفيذها، وليس هذا فحسب فقد بدأ الناصر حرباً دفاعية خطط لها بدقة ونفذت بأسلحة مختلفة وردود فعل سريعة أعيت الدولة الفاطمية وأفشلت خططها تجاه الأندلس، والطرق التي اعتمدها عبد الرحمن الناصر هي:
(٢٥) يذهب بعض المؤرخين الأندلسيين، على اعتبار ابن حوقل، وابن هارون البغدادي، وأبو اليسر الرياضي وآخرين غيرهم جواسيس دخلوا الأندلس بتكليف من الدولة الفاطمية.