للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي تعد مأثرة مهمة من مآثره، بنيت على مسافة ٨ كم شمال غربي العاصمة قرطبة على سفح جبل العروس، وأسباب بناء هذه المدينة تتحدد بالدوافع الآتية (٥٠):

١ - أريد لهذه المدينة أن تكون مقراً للخلافة الجديدة.

٢ - الابتعاد عن صخب العاصمة قرطبة بعد أن ضاقت مرافقها نتيجة الزخم السكاني الذي كان يزداد سنوياً.

٣ - بناء المدن صفة وصف بها الخلفاء والسلاطين العظماء تخليداً لعصورهم المجيدة.

٤ - عرف عن الناصر كلفه ببناء القصور والاعتناء بتنميقها وتزيينها وصرفه الأموال الكثيرة في هذا المجال (٥١).

وبدأ ببناء الزهراء في محرم سنة ٣٢٥ هـ (٥٢)، وخول ولي العهد الحكم بمهمة الإشراف على بنائها (٥٣)، وقد عمل في بناء الزهراء جيش من العمال والمهرة (٥٤)، أشرف عليهم خيرة المهندسين والمعماريين في ذلك الوقت، وقامت المدينة على مسطح من الأرض طوله من الشرق إلى الغرب ألفان وسبعمائة ذراع، وعرضه من القبلة إلى الجنوب ألف وخمسمائة ذراع (٥٥)، واستمر البناء فيها نحواً من أربعين سنة (٥٦)، وبلغت


(٥٠) يذكر المؤرخون رواية قصصية مفادها أن الخليفة الناصر ماتت له سرية، وتركت مالاً كثيراً، فأمر أن يفك بذلك المال أسرى المسلمين، وطلب في بلاد الإفرنج أسيراً فلم يوجد، فشكر الله تعالى على ذلك، فقالت له جاريته الزهراء اشتهيت لو بنيت لي مدينة تسميها باسمي، وتكون خاصة لي ... نفح الطيب: /٥٢٣.
(٥١) له مع القاضي منذر بن سعيد البلوطي أحاديث مذكورة في هذا الخصوص، حيث عمد القاضي المذكور إلى توجيه النقد اللاذع للخليفة الناصر نتيجة إسرافه في بناء القصور والمنتزهات وصرفه للأموال الطائلة من أجل ذلك، ينظر: النباهي: المرتبة العليا: ٦٩ و٧٢، طبعة بيروت.
(٥٢) المقري: ١/ ٥٢٤ و ٥٢٦، وينظر: نجلة العزي، ٣٣.
(٥٣) ابن عذاري: ٢/ ٢٣١.
(٥٤) في نفح الطيب: ١/ ٥٢٦ " كان يتصرف في عمارة الزهراء كل يوم من الخدم والفعلة عشرة آلاف رجل، ومن الدواب ألف وخمسمائة دابة. وكان من الرجال من له درهم ونصف ومن الدرهمان والثلاثة، وكان يصرف فيها كل يوم من الصخر المنحوت المعدل ستة آلاف صخرة سوى الأجر والصخر غير المعدل ".
(٥٥) المقري: ١/ ٥٢٤.
(٥٦) وهم النويري في نهاية الأرب عندما حدد مدة إنجاز مدينة الزهراء بإثني عشرة عاماً. ينظر: نجلة العزي: ٣٣.

<<  <   >  >>