للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأندلس الشديد للمعتزلة (٩٠).

ومن الفقهاء الذين عارضوا رغبات المنصور غير المسوغة قاضي القضاة محمد بن يبقى بن زرب المتوفى سنة ٣٨١ هـ فقد روى النباهي أن المنصور ابن أبي عامر أراد إقامة الصلاة الجامعة في مسجد الزاهرة فعارضه القاضي المذكور وعد ذلك من الأمور التي لا تصح شرعاً مع وجود مسجد للجماعة (٩١).

ومهما يكن من أمر فإن علاقة المنصور ابن أبي عامر مع فقهاء عصره هي علاقة ود وانسجام " وهي ظاهرة مميزة في تاريخ الدولة الأموية في الأندلس، حيث قام لأول مرة توازن في العلاقة بين الدولة ورجال الدين، ولعلنا لا نتعارض مع الحقيقة في تقدير حجم الفقهاء الذين استمدوا قوتهم من التشدد في المذهب المالكي المحافظ، ومن المركز المعنوي الذي كان لهم بين طبقات الشعب في الأندلس، وانطلاقاً من هذا الموقع كانت المصادقة الدائمة على النفوذ بينهم وبين السلطة الزمنية، فإما أن تسود كلمتهم كما حصل في عهود هشام الأول وعبد الرحمن الثاني والحكم المستنصر أو يعيشوا في الظل كما في عهود الأقوياء من الحكام ... وهكذا فإن العامري كان الحاكم الوحيد الذي بنى علاقات متكافئة بينه وبين الفقهاء، فلم يحاول تحجيم نفوذهم رغم سلطته المطلقة من جهة ولم يفتح لهم أي نافذة للتدخل في شؤون الحكم من جهة أخرى " (٩٢).

٣ - تغيير بنية الجيش:

أعاد المنصور ابن أبي عامر تنظيم القوات المسلحة تنظيماً جديداً كفل له بالتالي نتائج إيجابية على المستويين الداخلي والخارجي، وتنظيماته تقوم أساساً على جعل القوات المسلحة وحدة نظامية متماسكة خاضعة لقيادة عليا، وإلغاء النظام القديم الذي يقوم على الأساس القبلي أو العنصري، كما ألغى النظام الإقطاعي العسكري، وأصبح جيشه جيشاً نظامياً يتكون من فرق عديدة على رأس كل فرقة منها قائد أعلى ينوب عنه عدد من القادة الآخرين وحسب التشكيلات التي تتكون منها الفرقة العسكرية، ولكل منتسب راتب شهري مقرر حسب رتبته وموقعه.


(٩٠) أحمد بدر: ٣٧ و ٣٨.
(٩١) المرتبة العليا: ٧٧.
(٩٢) بيضون: ٣٣٨ و ٣٣٩.

<<  <   >  >>