للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصنوف القوات المسلحة في عهده كما هي الحال في عهود من سبقه من أمراء وخلفاء بنو أمية تتكون من صنفين أساسيين هما المشاة وهي القوة الضاربة في الجيش، والفرسان (٩٣) الذين يعدون من الصنوف الفاعلة في كل موقعة من المواقع.

٤ - بناء الزاهرة:

اقتفى المنصور ابن أبي عامر أثر الخليفة عبد الرحمن الناصر عندما شرع في بناء مدينة خاصة به سنة ٣٦٨ هـ/٩٧٨ م اتخذت اسم الزاهرة، والدوافع إلى بناء هذه المدينة لا تختلف كثيراً عن الدوافع التي حدت بالخليفة الناصر إلى تأسيس مدينة الزهراء، وهي تمجيد عصورهم بمنشآت مميزة، دلالة على العزة والسلطان الواسع (٩٤). والسبب المضاف ما ذكره ابن عذاري بقوله: " أمر المنصور ابن أبي عامر ببناء قصره المعروف بالزاهرة وذلك عندما استفحل أمره، واتقد جمره وأظهر استبداده، وكثر حساده وخاف على نفسه في الدخول إلى قصر السلطان وخشي أن يقع في أشطان، فتوثق لنفسه، وكشف له ما ستر عنه في أمسه، من الاعتزاز عليه، ورفع الاستناد إليه ... " (٩٥).

وقد تم بناء الزاهرة في سنة ٣٧٠ هـ/٩٧٩ م وانتقل إليها المنصور بحاشيته وخاصة من الحرس، وشحنها بأنواع الأسلحة (٩٦)، ثم نقل إليها خزينة الدولة ودواوينها، وأقطع ما حولها لكبار رجالات الدولة من عسكريين ومدنيين فساروا سيرته وابتنوا القصور الفخمة وعمروا المنتزهات الواسعة. وتنافس العامة في البناء حولها حتى اتصلت عمائرها بالعاصمة قرطبة (٩٧).

ولم تعمر مدينة الزاهرة طويلاً فقد كان عمرها رهيناً بعمر الدولة العامرية فما أن قتل عبد الرحمن الملقب شنجول حتى عم الخراب عمائر هذه المدينة ونهبت قصورها وانتهت رسومها في الفوضى التي عمت البلاد سنة ٣٩٩هـ (٩٨)، واندثرت بهذا التخريب تلك المدينة اندثاراً يختلف عن ذلك الذي حل بالزهراء إذ عثر على الكثير من قطع


(٩٣) في البيان المغرب: ٢/ ٣٠١ " كان عدد الفرسان المرتزقين بحضرته ونواحيها الذين حارب بهم الحروب عشرة آلاف وخمسمائة وأجناد الثغور قريباً من ذلك ".
(٩٤) يقول ابن عذاري: ٢/ ٢٧٥ " وسما إلى ما سمت إليه الملوك من اختراع قصر ينزل فيه ... ".
(٩٥) ابن عذاري: ٢/ ٢٧٥؛ المقري: ١/ ٥٧٨.
(٩٦) ابن عذاري: ٢/ ٢٧٥؛ ابن خلدون: ٤/ ١٤٨.
(٩٧) ابن عذاري: ٢/ ٢٧٦؛ المقري: ١/ ٥٧٩.
(٩٨) ابن الخطيب، أعمال الأعلام: ١١٠ وما بعدها.

<<  <   >  >>