للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الأول، لأن اليهود ساعدوا العرب بعد دخولهم الفعلي إلى إسبانيا، ولم يكن هناك اتفاق سابق أو مؤامرة مدبرة لتسليم إسبانيا إلى العرب.

فتح طليطلة وما يجاورها:

سار طارق من استجة في طريقه إلى طليطلة عبر الطريق الروماني القديم الذي يمر بمدينة جيان Jaen، والذي يدعى هانيبال Anibal. فعبر نهر الوادي الكبير عند مَنْجيبار Mengibar، وتقدم إلى الشمال (٤٦). وعندما وصل إلى طليطلة، وجدها خالية إلا من بعض اليهود، ووجد حاكمها قد انسحب إلى مدينة أخرى خلف الجبال. وقد سار طارق لملاحقة الهاربين، مخلفاً وراءه بعض الجنود الذين تولوا مسؤولية الدفاع عن المدينة. واتخذ طريق وادي الحجارة Guadalajara، فوصل إلى مدينة تسمى مدينة المائدة (٤٧)، ويحتمل أنها قلعة هنارس Alcala de Hanares التي تقع شمال شرقي مدريد الحالية (٤٨). أما اسم المائدة فهو مشتق من "مائدة" ثمينة صنعت من الذهب والفضة ومن معادن نفيسة أخرى، عثر عليها طارق بن زياد، وهي، كما يُروى، تعود إلى سليمان بن داود عليهما السلام (٤٩). وقصة المائدة كما يبدو ما هي إلا محض أسطورة وإن ما عثر عليه طارق لا يعدو أن يكون مذبحاً لكنيسة طليطلة حُمل إلى هذا المكان من قبل الهاربين والقساوسة (٥٠). وعلى أية حال، فبعد فتح قلعة هنارس ووادي الحجارة، غنم طارق هذه "المائدة" مع الكثير من التحف الثمينة الأخرى. ولم يستمر في التقدم إلى أبعد من هذا المكان، بل عاد إلى طليطلة في سنة ٩٣ هـ (المبتدئة بتشرين الأول ٧١١ م)، وقضى فصل الشتاء هناك (٥١). ومع هذا فهناك روايات أخرى تشير إلى أنه استمر في فتوحه، فوصل إلى جليقية Galicia، واسترقة Astorga، وما يجاورها من مناطق (٥٢)، الأمر الذي يصعب تصديقه، بسبب اطلالة الشتاء وصعوبة تضاريس المنطقة.


(٤٦) المقري (برواية الرازي) ج ١، ص ٢٦١.
(٤٧) ابن القوطية، ص ٩؛ ابن عذاري، ج ٢، ص ١٢.
(٤٨) Saavedra, op. cit., p. ٧٩.
(٤٩) ابن عبد الحكم، ص ٢٠٧؛ أخبار مجموعة، ص ١٥؛ فتح الأندلس، ص ٩.
(٥٠) انظر: المقري (برواية ابن حيان) ج ١، ص ٢٧٢؛ وقارن؛ مؤنس، فجر الأندلس، ص ٧٨ - ٧٩.
(٥١) أخبار مجموعة، ص ١٥؛ ابن الأثير، ج ٤، ص ٥٦٤؛ ابن عذاري، ج ٢، ص ١٢.
(٥٢) ابن القوطية، ص ٩؛ ابن الأثير، ج ٤، ص ٥٦٤؛ المقري، ج ١، ص ٢٦٥.

<<  <   >  >>