للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحجابة، فيما وصل من تراث المشرق خلال القرن الرابع الهجري، وبخاصة في فترة الخلافة، ولكن أثر هذه الطريقة قد ظهر في فترة الحجابة (١٣٠).

أما فترة الفتنة ٣٩٩ - ٤٢٢ هـ، فهي فترة التفكك والانحلال، والتي أدَّت إلى سقوط الخلافة الأندلسية وقيام عصر الطوائف (١٣١).

وكان من نتائج هذه الفتنة، أن تعطل النشاط الثقافي وبخاصة في قرطبة، فأغلقت المدارس وانحلت حلقات الدرس، وقتل بعض العلماء وخاصة ابن الفرضي صاحب كتاب (تاريخ علماء الأندلس) عام ٤٠٣ هـ، وهاجر البعض من قرطبة إلى شرقي الأندلس كابن حزم حيث يلتمس شيئاً من الأمن.

وعلى الرغم من كل ذلك لم تخمد أنفاس الحركة العلمية في الأندلس خلال هذه الفترة، فقد كانت هناك بقية من العلماء الأندلسيين الذين أدركوا الإزدهار في فترة الخلافة، أو انتفعوا بقوة الدفع في فترة الحجابة، فحفظوا للأندلس كثيراً من علمها وثرائها على الرغم مما كان فيها من فتنة مبيرة كما يقال. ومن أشهر هؤلاء العلماء: أبو عمر أحمد بن محمد بن الجسور وكان أحد شيوخ الحديث (١٣٢)، وأبو محمد عبد الله بن يوسف الرهوني وكان مؤدباً محدثاً مجوداً للقرآن (١٣٣). كما كان هناك بعض العلماء ممن وفدوا إلى الأندلس من أقطار مشرقية، وكان لهم فيها حينذاك دور علمي كبير، ومن أشهر الوافدين إلى الأندلس في هذه الفترة أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أبي يزيد المصري، وكان أديباً نسابة، حافظاً للحديث عالماً بالأخبار (١٣٤). كذلك كان في بعض الأقاليم الأندلسية البعيدة عن مركز قرطبة، حظ من النشاط العلمي، وقد كان شرقي الأندلس من تلك الأقاليم التي نعمت ببعض الأمن، فعُرفت بعض المدن هناك في هذه الفترة بحياة علميّة لا بأس بها (١٣٥). وبرز في الأندلس خلال فترة الفتنة عالمان جليلان لهما دور بارز في ثقافة الأندلس هما: أبو محمد بن حزم (٣٨٤ - ٤٥٦ هـ) وأبو مروان بن حيان (٣٧٧ - ٤٦٩ هـ). فابن حزم انصرف إلى العلم بعد سقوط الخلافة الأندلسية وتجول في ربوع الأندلس وبخاصة في شرقها ناشراً مذهبهُ الظاهري، ولقي


(١٣٠) هيكل، المرجع السابق، ص ٣٣٤.
(١٣١) ينظر، السامرائي، علاقات المرابطين، ص ٣٢ وما بعدها.
(١٣٢) هيكل، المرجع السابق، ص ٣٥٠.
(١٣٣) ابن بشكوال، الصلة، ترجمة رقم ٥٩٥.
(١٣٤) أيضاً، ترجمة رقم ٧٥٨.
(١٣٥) كريم عجيل، الحياة العلمية، ص ١٢٣ - تشراكوا، مجاهد العامري، ص ١٤٣.

<<  <   >  >>