للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمرَّين من علماء المالكية وبالذات من أبي الوليد الباجي داعية الوحدة في الأندلس.

أما ابن حيان فعلى الرغم من توليه بعض المناصب الإدارية في هذه الفترة، إلا أنه انصرف إلى كتابة الأدب والتاريخ، واشتهر بكتابه المقتبس (١٣٦). وتأثر الأدب بأحداث الفتنة تأثراً كبيراً، فنرى أولاً انتشار أدب التلهي والنفاق والتفاهة، أو ما يسمى بأدب الهروب، وثانياً ظهر أدب التأمل والنقد أو ما يسمى بأدب المراجعة. وقد كان الشعر مجال النوع الأول (أدب الهروب) وكان النثر مجال النوع الثاني (أدب المراجعة)، ومن هنا خطا النثر خطوات واسعة حتى سبق الشعر، فظهرت أنواع نثرية جديدة وجادة، أتاح لها انطواء بعض الأدباء وعكوفهم جواً ملائماً فيه تأمل وفيه مراجعة، مما ساعد على التخيل والنقد والتحليل (١٣٧).

ومن أشهر شعراء هذه الفترة أبو عامر بن شُهيد (٣٨٢ - ٤٢٦ هـ) (١٣٨) وأبو محمد بن حزم الذي سيعاصر الطوائف. وفي مجال النثر، فقد اشتهر هذان العالمان أيضاً، فإبن شُهيد له رسالة التوابع والزوابع وهي قصة خيالية يحكي فيها ابن شُهيد رحلة في عالم الجن (١٣٩). أما أبو محمد بن حزم فأشهر كتاب له في هذا المجال، هو طوق الحمامة في الألفة والأُلاَّف، ويتناول فيه دراسة عاطفة الحب بشكل مفصل واعتمد أسس التجربة والتحليل النفسي في منهجه (١٤٠).

أما عصر الطوائف ٤٢٢ - ٤٨٤ هـ، فعلى الرغم من الفرقة السياسية التي ضربت أطنابها ببلد الأندلس خلال هذه الفترة، لكن رافقها نشاط الحركة العلمية والأدبية وذلك لرعاية ملوك الطوائف العلماء والأدباء، ولأن معظمهم كان من رجال الأدب، فبذلك غدت قصورهم منتديات أدبية ومجامع حقة للعلوم والفنون (١٤١).

وبما أن الأندلس لم تكن دولة موحدة في هذه الفترة. ونظراً لتعدد أمرائها وتفاوتهم في رعاية الحركة الأدبية، فسوف نشير إلى أهم ممالك الطوائف التي رعت الحركة الأدبية:


(١٣٦) ينظر، هيكل، المرجع السابق، ص ٣٥١ - ٣٦٣.
(١٣٧) هيكل، المرجع السابق، ص ٣٦٤.
(١٣٨) الحميدي، جذوة، رقم ٢٣٢.
(١٣٩) ينظر، أحمد ضيف، بلاغة العرب في الأندلس، ص ٤٨ - زكي مبارك، النثر الفني، ج ١، ص ٢٦١ - هيكل، المرجع السابق، ص ٣٧٧ وما بعدها.
(١٤٠) ينظر، طوق الحمامة، ص ٢ وما بعدها - الطاهر أحمد مكي، دراسات عن ابن حزم، ص ٢٢٥.
(١٤١) عنان، دول الطوائف، ص ٤٢٣.

<<  <   >  >>