للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لجأ أبو الحكم الكرماني، وفيها استقر المقام بالفيلسوف ابن باجة، ولقيت رسائل إخوان الصفا إقبالاً كبيراً من أهلها (١٧٤).

وأصبحت الأندلس ولاية مرابطية ٤٨٤ - ٥٤٠ هـ، فنتج عن ذلك الانفتاح الفكري الأندلسي على المغرب، حيث انتقلت الثقافات الأندلسية المتنوعة إلى المغرب، كما انتقل أبناء المغرب من قادة ورعية لينهلوا من علوم الأندلس والتزود من معارفها (١٧٥).

وعلى الرغم من إشارة بعض الروايات إلى ضمور الحركة الفكرية الأندلسية في ظل دولة المرابطين عما كانت عليه أيام ملوك الطوائف (١٧٦)، إلا أن الحركة العلمية والأدبية في الأندلس لبثت خلال العهد المرابطي تحتفظ بكثير مما كان لها أيام الطوائف من قوة وحيوية، كما درس أكثر عمال المرابطين في الأندلس على أيدي أشهر العلماء (١٧٧).

واعتمد أمراء المرابطين وولاتهم قادة الفكر الأندلسي في تسيير أعمالهم، فنرى اعتماد يوسف بن تاشفين على الأديب الأندلسي عبد الرحمن بن أسباط، ولما توفي عام ٤٨٧ هـ، استعان أمير المسلمين يوسف بن تاشفين بالعالم محمد بن سليمان الكلاعي الإشبيلي المعروف بابن القصيرة، الذي كان استخدامه في البلاط المرابطي بداية لاحتشاد أعلام الكتابة الأندلسيين للخدمة فيه (١٧٨).

واحتشد في البلاط المرابطي إلى جانب ابن القصيرة عدد من أعلام الكتاب وأئمة البلاغة، منهم وزير بني الأفطس وصاحب المرثية المشهورة عبد المجيد بن عبدون الذي كتب ليوسف بن تاشفين وقيل لابنه علي وتوفي عام ٥٢٠ هـ (١٧٩) إضافة إلى الكاتب أبي عبد الله محمد بن مسعود بن أبي الخصال الذي كتب لعلي بن يوسف ثم عزله فيما بعد وتوفي عام ٥٤٠ هـ (١٨٠) ولا ننسى خدمات الفتح بن خاقان الإشبيلي الذي خدم في قصور أمراء الطوائف، ثم التحق بخدمة أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين الذي قتل


(١٧٤) سعد شلبي، البيئة الأندلسية ص ٤٩.
(١٧٥) كنون، النبوغ المغربي، ج ٣، ص ١٤٩ - السامرائي، علاقات، ص ٤١٠.
(١٧٦) كنون، النبوغ المغربي، ج ١، ص ٧٤.
(١٧٧) راجع على سبيل المثال، ابن الآبار، المعجم، ج ٨، ص ١٥، ص ٢٠، ص ٢٨١ وغير ذلك.
(١٧٨) ابن بشكوال، الصلة، ترجمة (رقم ١٢٥٣) - الفتح بن خاقان، قلائد، ج ٥، ص ١٠٤ - عنان، عصر المرابطين، ق ١، ص ٤٤٠.
(١٧٩) ابن خاقان، قلائد، ص ٣٥ - كنون، النبوغ المغربي، ج ١، ص ٨٧.
(١٨٠) ابن بشكوال، الصلة، رقم ١٢٩٤ - بالنثيا، تاريخ الفكر الأندلسي، ص ١٢٣.

<<  <   >  >>