للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأغدق عليه رعايته وعنايته، بالرغم مما كان ينسب إليه من الآراء الفلسفية. ولما سقطت سرقسطة بيد الإسبان عام ٥١٢ هـ غادرها ابن باجة إلى إشبيلية ثم إلى شاطبة، ومنها نزح إلى المغرب وتوفي في مدينة فاس عام ٥٣٣ هـ (١٨٧).

واشتهرت أسرة بني زهر بالطب، وكان عميدها عبد الملك بن محمد بن زهر الإيادي، وخلفه في المهنة ولده زهر بن عبد الملك الذي أصبح عمدة عصره في الطب وتوفي عام ٥٢٥ هـ بقرطبة ودفن في إشبيلية (١٨٨). وجاء من بعده ولده عبد الملك بن زهر الذي ذاع صيته في المغرب والأندلس، واتصل بالمرابطين، وصنف للأمير أبي إسحاق بن يوسف بن تاشفين كتابه المعروف (الاقتصاد في صلاح الأجساد)، كما له كتاب في الطب مشهور باسم (التيسير)، توفي في إشبيلية عام ٥٥٧ هـ (١٨٩)، وقد كتب وصفاً دقيقاً لبعض الأمراض وبخاصة التهاب غشاء القلب وأعراض السرطان (١٩٠).

وأشهر أطباء العصر أيضاً علي بن عبد الرحمن الخزرجي، من أهل طليطلة برع بالطب إلى جانب تمكنه في الفقه، ولما استولى الإسبان على طليطلة عام ٤٧٨ هـ، رحل في بلاد الأندلس واستقر أخيراً في قرطبة وتوفي فيها عام ٤٩٩ هـ (١٩١). وشاركهُ في الاهتمام بالطب أيضاً أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت (٤٦٠ - ٥٢٩ هـ) من أهل دانية، إلا أنه قضى معظم حياته متنقلاً بين مصر وأفريقية (١٩٢). واشتهر بالزراعة في الأندلس خلال هذه الفترة العلاّمة الزراعي أبو عبد الله محمد بن مالك التغنري من قرية تغنر من أعمال غرناطة، ودرس العلوم الزراعية على يد ابن البصال الطليطلي، وله كتاب (زهر البستان ونزهة الأذهان) (١٩٣).

أما النهضة الأدبية في الأندلس فقد ارتفعت فوق مستوى الانحلال الذي شهده


(١٨٧) القفطي، أخبار العلماء، ص ٢٦٥ - السامرائي، علاقات، ص ٤١٦ - ٤١٧ ينظر، السامرائي، دراسات، ص ٣٧٨ - ٣٧٩ هـ سليم طه التكريتي " ابن باجة " مجلة العربي، العدد ١٦٦، ص ١٦٦ وما بعدها.
(١٨٨) عنان، عصر المرابطين، ق ١، ص ٤٧٣.
(١٨٩) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء، ص ٥١٧.
(١٩٠) السامرائي، دراسات في تاريخ الفكر العربي، ص ٣٢٤ - أنور الرفاعي، الإنسان العربي والحضارة، ص ٤٥٦ - عز الدين فراج، فضل علماء المسلمين، ص ٢٥٢.
(١٩١) عنان، عصر المرابطين، ق ١، ص ٤٧١.
(١٩٢) ابن خلكان، وفيات، ج ٢، ص ٩٩، القفطي، أخبار العلماء، ص ٥٧.
(١٩٣) عنان، عصر المرابطين، ق ١، ص ٤٧٤.

<<  <   >  >>