للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العاصمة فكانت تختار الرقم قياساً لقدراتها، ويحشد أبناؤها بطريق التطوع خلافاً لأهل النواحي الأخرى. وكانت هذه الفرق تسمى بفرق الفرسان المستنفرين الذين يجري استنفارهم أوقات الصوائف، أو كلما بدرت من العدو حركة اعتداء على أهل الثغور، ويضاف إلى هذه الفرق حشود المتطوعين في سبيل الله. وبذلك ندرك مدى حجم جيش الأندلس خلال هذه الفترة، والذي كان هذا الأمير دائماً يقود الجيش إلى أرض العدو ويمكث فيها أكثر من ستة أشهر (١٨٦).

ويلاحظ في عصر الإمارة أنها اعتمدت على قادة عسكريين مشهورين ينتمون إلى أسر أندلسية معروفة، فكان لهم دور كبير في قمع الفتن الداخلية أولاً، ولهم الدور نفسه في محاربة الممالك الإسبانية ثانياً. فمثلاً أسرة ابن أبي عبدة، اشتهر رجالها في إخماد حركات التمرد وبخاصة في عهد الأمير عبد الله (٢٧٥ - ٣٠٠ هـ) التي عجت الأندلس بحركات المتمردين، فتصدّى رجالها لهذه الحركات التي كان من أشهرها حركة عمر بن حفصون وإبراهيم بن حجاج، واشتهر في هذه الأسرة أبو العباس أحمد بن محمد أبي عبدة الوزير وأولاده عباس وعيسى. فقد اعتمد هذا القائد بالدرجة الأولى على نخبة مختارة من رجاله يبلغ عددهم ثلاثمئة فارس يعتمد عليهم في حروبه، من مجموع جيشه الذي استكثر فيه الرجال وشجعان أهل الثغور، وابتاع العبيد حتى بلغ عدد جيشه خمسة آلاف فارس عدا المشاة (١٨٧).

كما اشتهرت هذه الأسرة في مجاهدة الممالك الإسبانية، وأحرز أفرادها النصر في كثير من المعارك (١٨٨)، واستشهد بعض رجالها في معارك الجهاد أمثال الوزير أبي العباس أحمد بن محمد بن أبي عبدة (١٨٩). كما كان لها دور بارز في صد هجوم النورمان على الأندلس عام ٢٤٥ هـ في أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن (٢٣٨ - ٢٧٣ هـ) (١٩٠).

وأسرة مغيث الرومي أيضاً اشتهرت بحروب الجهاد ضد الممالك الإسبانية واشتهر


(١٨٦) ينظر، ابن عذاري، ج ٢، ص ١١١ - عنان، دولة الإسلام، ج ١، ص ٣١١.
(١٨٧) ينظر، ابن القوطية، تاريخ، ص ١٠٧ - ١٠٨ - ابن حيان، المقتبس، ج ٣، ص ١٢٩.
(١٨٨) ينظر، ابن حيان، المقتبس، ج، ص ٣١٩ - ٣٢٠ - ابن عذاري، البيان، ج ٢، ص ٩٨ - ٩٩ - النويري " نهاية الأرب، ج ٢٢، ص ٥٥.
(١٨٩) ينظر، ابن حيان، المقتبس، ج ٥، ص ١٣٥ - ١٣٦ - السامرائي. الثغر الأعلى، ص ٢٢٢.
(١٩٠) ينظر، ابن حيان، المقتبس، ج ٢، ص ٣٠٨ - العذري، نصوص عن الأندلس، ص ١١٨.

<<  <   >  >>