للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غرناطة عمد رؤساء الجند إلى إنشاء فرق صغيرة لها تنظيمها الخاص وهي شبه مستقلة عن الجيش النظامي، تباغت معسكرات العدو وتلحق به الدمار (٢٢٧). وفي أواخر العهد النصري أيضاً ظهر سلاح البارود في مملكة غرناطة، وعند الإسبان، فكانت المدن تختزن منه كميات كبيرة، كما دخلت المدفعية ميادين الحرب في مجال الدفاع عن المدن (٢٢٨).

التعبئة العسكرية في الأندلس:

فتح المسلمون الأندلس (٩٢ - ٩٥ هـ) وأفادوا من وديان أنهارها الممتدة على هيئة خطوط مستعرضة بين الشرق والغرب، وجعلوا منها خطوطاً دفاعية لحماية دولتهم من أخطار الدول الإسبانية. فاتخذوا من وادي نهر الأبرو خطاً دفاعياً أول وسموه بالثغر الأعلى، كما اتخذوا من وادي نهر التاجة خطاً دفاعياً ثانياً وسموه بالثغر الأوسط والأدنى (٢٢٩). وقد كان الثغر الأعلى أسبق الثغور الأندلسية في الظهور، وبخاصة بعد انتهاء موسى بن نصير وطارق بن زياد من إتمام فتح الشمال الإسباني، فظهر الثغر الأعلى مجاوراً لأرض العدو وهي بلاد فرنسا، وامتد هذا الثغر في عصر الولاة (٩٥ - ١٣٨ هـ) إلى مدينة أربونة التي تعتبر أقصى ثغر بالأندلس (٢٣٠). أما الثغران الأوسط والأدنى فقد ظهر بعد قيام الممالك الإسبانية من الركن الشمال الغربي من إسبانيا وبداية توسعها على حساب أراضي الأندلس وبخاصة عند بداية عصر الإمارة. وبذلك بدأ الصراع المستمر بين المسلمين والإسبان ولهذا اعتبرت الأندلس في نظر المسلمين ثغراً للدولة الإسلامية وأرضاً للجهاد والمرابطة، ولقد فرض هذا الوضع عليها أن تجند أبناءها منذ الصغر ليكونوا على أهبة الاستعداد (٢٣١). ولما لم يكن في الأندلس بادئ الأمر جيش نظامي قائم بذاته فقد كانت القبائل العربية والبربرية التي سكنت الأندلس تمد الدولة بالجيوش اللازمة للجهاد. وقد استمر هذا النظام العسكري إلى أيام الأمير الحكم (١٨٠ - ٢٠٦ هـ)، فقد رأى هذا الأمير أن يؤسس فرقاً من الجيش النظامي وبخاصة بعد فشل حركة الربض عام ٢٠٢ هـ التي قام بها الفقهاء، والتي كادت تطيح بعرشه، فكون


(٢٢٧) فرحات، غرناطة، ص ٩٠.
(٢٢٨) فرحات، غرناطة، ص ٩٥.
(٢٢٩) البكري، جغرافية الأندلس، ص ٩٥ (هامش ٤).
(٢٣٠) تقويم البلدان، ص ١٨٣.
(٢٣١) السامرائي، " التعبئة العسكرية "، ص ٤٠.

<<  <   >  >>