للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الأسطول المرابطي، ولذا نراهم لم يحتلوا المهدية إلا بعد سنة ٥٤٣ هـ أي بعد سقوط دولة المرابطين بقليل (٣٣٣).

ورث الموحدون الأندلس من المرابطين، بما في ذلك الأسطول، وقد خضعت الأجزاء الغربية والوسطى للموحدين بسهولة، وبقي شرقي الأندلس يعارض الانضمام إلى المغرب. فقامت فيه إمارات بحرية مستقلة: أولاها إمارة المرية والتي أصبحت قاعدة بحرية لمهاجمة شواطئ إسبانيا الشمالية وإيطاليا وفرنسا، ونظراً لخطورتها هذه سيطرت عليها الأساطيل والجيوش الإسبانية والأوروبية عام ٥٤٢ هـ وأصبحت تحت سيطرة الفونسو السابع (السليطين)، إلا أن الموحدين أعادوا المرية إلى حوزتهم عام ٥٥٢ هـ (٣٣٤). وثانيهما إمارة بني غانية المرابطية التي استقلت في الجزائر الشرقية، وبقيت تقاوم الحكم الموحدي في الأندلس وشمالي إفريقية فترة طويلة كما وضحنا ذلك. ومع هذا فكثيراً ما قامت هذه الإمارة بمهاجمة سواحل قطلونية وجنوبي فرنسا، كما كانت تربطهم بمدن جنوه وبيزا علاقات تجارية طيبة، وفي الوقت نفسه كانوا يهادون الموحدين دفعاً لخطرهم، إلى أن خضعت هذه الجزر لسلطة الموحدين عام ٥٩٩ هـ (٣٣٥).

وعزز الخليفة الموحدي الأول عبد المؤمن بن علي (٥٢٤ - ٥٥٨ هـ) سيطرة أسطوله على مضيق جبل طارق من أجل تأمين عبور أساطيله باستمرار بين المغرب والأندلس، فبنى مدينة الفتح على سفح جبل طارق عام ٥٥٥ هـ (٣٣٦). واهتم هذا الخليفة بتدريب شباب المغرب والأندلس على أعمال الفروسية، وتعلم السباحة وخوض المعارك البحرية، وأولى اهتماماً كبيراً بتدريبهم على ركوب السفن وكيفية قيادتها واستخدامها أثناء القتال (٣٣٧). واهتم بالأسطول كذلك الخليفة الموحدي أبو يعقوب يوسف (٥٥٨ - ٥٨٠ هـ) وأولاه عنايته، واستخدمه في ضرب أوكار القراصنة في غربي الأندلس أولاً، كما شاركت أساطيله في معارك الجهاد ضد مملكة البرتغال الإسبانية وقاد


(٣٣٣) ينظر: ابن عذاري؛ البيان، ج ٤، ص ٦٨ - ابن أبي دينار؛ المؤنس، ص ٩٢ - العدوي، المجتمع المغربي، ص ٢٨٤ - السامرائي، علاقات، ص ٣٧٥ - ٣٧٦.
(٣٣٤) أشباخ، تاريخ الأندلس، ج ١، ص ٢٣٤.
(٣٣٥) المراكشي، المعجب، ص ٣٤٤ - العبادي، دراسات، ص ٣٢١ - ٣٢٢.
(٣٣٦) المراكشي، المعجب، ص ٢٨٢ - ابن صاحب الصلاة، المن بالإمامة، ص ١٢٩ وما بعدها.
(٣٣٧) العبادي، دراسات، ص ٣٤٣.

<<  <   >  >>