للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكور والتي سميت بالكور المجندة (٣٦١).

وإذا عرفنا بأن ولاة الأندلس اهتموا بإدارة البلاد وتنظيمها مع حسن السياسة بالرعية، فلا بد أنهم اهتموا بنشر الإسلام والدعوة له بين الإسبان. ويجد الباحث أخباراً لمثل هذا الأمر في عملية فتح الشمال الإفريقي حيث يرسل الدعاة والفقهاء بجانب الجيش الفاتح لشرح مبادئ الإسلام (٣٦٢). وربما نستدل من ذلك أن حملة طارق بن زياد إلى الأندلس ضمّت عدداً من الفقهاء مهمتهم تفقيه الجند ونشر الإسلام بين سكان المدن المفتوحة بجانب الجهاد في سبيل الله. ولعل الإثني عشر رجلاً من العرب في جيش طارق بن زياد هم الفقهاء (٣٦٣). كما أن جيش موسى الذي عبر به إلى الأندلس بأعداده (١٨ ألف) مقاتل فيهم صحابي واحد وهو المنيذر الإفريقي، وعدد من التابعين (٣٦٤). إن دور هؤلاء الفقهاء من التابعين -ما عدا الحربي- يدور حول تفقيه الناس أمور الإسلام وشرحه بيسر للإسبان الذين بدأوا يعتنقون الإسلام الذي أزال عنهم الحالة السيئة التي كانوا يعيشون بها قبل الفتح. وبجانب هدا الدور بنيت المساجد، فنرى موسى بن نصير يبني أول مسجد في الجزيرة الخضراء عرف بمسجد الرايات (٣٦٥).

كما أسس حنش بن عبد الله الضعاني -مهندس المساجد في الأندلس- مساجد مدن البيرة وقرطبة وسرقسطة وغيرها (٣٦٦). ومعروف لدينا في العصر الأول دور المسجد، الذي يتجاوز مراسيم العبادة، إلى دورِه العلمي والثقافي في نشر تعاليم الإسلام قبل ظهور المدارس.

كما وردت إشارة إلى المعلمين في عصر الولاة الذين يعلمون الصبيان قراءة القرآن، مما يدل على اهتمام واسع بنشر الإسلام (٣٦٧). وتخبرنا الروايات عن انتشار


(٣٦١) ينظر، ابن القوطية، تاريخ، ص ٢٠ - مجهول، أخبار مجموعة، ص ٤٦ - ابن الآبار، الحلة، ج ١، ص ٦١ - ٦٢ - ابن الخطيب، الإحاطة، ج ١، ١٠٢ - ١٠٤ ذنون، التنظيم الإجتماعي، ص ٣.
(٣٦٢) الحجي، التاريخ الأندلسي، ص ١٤٥.
(٣٦٣) المقري، نفح، ج ١، ص ٢٣٩.
(٣٦٤) ينظر، ابن الآبار، التكملة ترجمة رقم ١٨٤٧ - ابن الفرضي، تاريخ، ترجمة رقم ٣٨٣، رقم ٣٩١، رقم ٦٣٣، رقم ٩١٥ - ابن الكردبوس، تاريخ الأندلس، ص ٤٩.
(٣٦٥) العذري، نصوص، ص ١١٨ - الحميري، الروض المعطار، ص ٧٥.
(٣٦٦) ينظر، جذوة المقتبس ترجمة رقم ٤٠٣ - بغية الملتمس ترجمة رقم ٦٨٧ - العذري، نصوص، ص ٢٢ - ٢٣ - ابن الخطيب، الإحاطة، ج ١، ص ٩٢.
(٣٦٧) ابن الآبار، الحلة السيراء، ج ١، ص ٦٨.

<<  <   >  >>