للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام المبكر في الأندلس وكثر اتباعه، فلما رغب الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز (٩٩ - ١٠١ هـ) في نقل المسلمين من الأندلس، وشاور بذلك والي الأندلس السمح بن مالك الخولاني، تخلى عن هذه الفكرة عندما عرف بأن المسلمين قد كثروا في الأندلس وأنهم في قوة ومنعة (٣٦٨). كما تشير الروايات إلى أن الوالي عقبة بن الحجاج السلولي (١١٦ - ١٢١ هـ) كان عندما يؤسر الأعداء يعرض عليهم الإسلام، فأسلم على يديه ألفا رجل (٣٦٩).

ونظراً لسماحة تعاليم الإسلام، وعدالة رجاله، أقبل الإسبان على الدخول في الإسلام، وقد رجحنا إسلام يوليان المبكر حاكم سبتة، كما أن الرواية العربية تشير إلى إسلام قسي الزعيم البشكنسي الذي ذهب إلى الشام وأسلم على يدي الوليد بن عبد الملك (٣٧٠). ومهدي بن مسلم، وهو من قدماء قضاة قرطبة، ومن أبناء المسالمة (الإسبان الذين دخلوا الإسلام، وأطلق على أولادهم لقب المولدين) أيام والي الأندلس عقبة بن الحجاج السلولي، وكان من أهل العلم والورع (٣٧١). كما كان اختلاط الإسبان بالمسلمين بأساليب مختلفة ساعد على نشر الإسلام بين الإسبان، ومن هذه الأساليب: المصاهرات والتي بدأت مبكرة في عصر الولاة، ولدينا بعض الأمثلة تدل على هذه الظاهرة، فتخبرنا الروايات أنه لما اختلفت سارة القوطية بنت المند بن غيطشة (ملك القوط قبل لذريق) مع عمها أرطباس (٣٧٢)، ذهبت إلى الخليفة هشام بن عبد الملك تشكو ظلامتها من عمها فأنصفها. والظاهر أنها أسلمت ثم تزوجت في الشام من عيسى ابن مزاحم وقدما إلى الأندلس وسكنا مدينة إشبيلية (٣٧٣). وقد أنجبت سارة من عيسى: إبراهيم وإسحاق، ولما توفي عيسى عام ١٣٨ هـ تزوجها عُمير بن سعيد فولدت له حبيب (٣٧٤) كما تزوج والي الأندلس الأول عبد العزيز بن موسى من أيلة ( Egiliona) أرملة لذريق آخر ملوك القوط، وتسميها الرواية العربية أم عاصم (٣٧٥). وبعض الروايات


(٣٦٨) ابن عذاري، البيان، ج ٢، ص ٢٦ - ابن القوطية، تاريخ، ص ٣٩.
(٣٦٩) أيضاً، ج ٢، ص ٢٩ - المقري، نفح، ج ٣، ص ١٩.
(٣٧٠) ابن حزم، جمهرة، ص ٥٠٢ - الحجي، أندلسيات، ج ٢، ص ١١.
(٣٧١) الخشني، قضاة قرطبة، ص ٩ - النباهي، المرقبة العليا، ص ٤٢.
(٣٧٢) ينظر، مؤنس، فجر الأندلس، ص ٥٠٤.
(٣٧٣) المقري، نفح، ج ١، ص ٢٦٧ - الحجي، التاريخ الأندلسي، ص ١٥٩ - ١٦٠.
(٣٧٤) ابن القوطية، تاريخ، ص ٣٠ - ٣٢.
(٣٧٥) مجهول، أخبار مجموعة، ص ٢٠ - ابن القوطية، تاريخ، ص ٣٧ - ابن عذاري، البيان، ج ٢، ص ٢٣ - المقري، نفح، ج ١، ص ٢٨١.

<<  <   >  >>