للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بواسطة القومس (٥٦٩)، والموارد التي يدفعها أهل البلاد بموجب معاهدات الصلح، وموارد الزراعة من قبل الفاتحين العرب بأراضيهم التي تملكوها وسكنوها، كما كان المزارعون القوط الذين يشتغلون بزرع الأرض، يدفعون للمالك أو للقبيلة المالكة ثلثي أو ثلاثة أخماس المحصول. فكان من أثر ذلك أن تحسنت أحوال المزارعين، كما أدى في الوقت نفسه إلى تقسيم الملكية وتمزيق الملكيات الكبيرة، كذلك تحسنت حال العبيد لأن المسلمين كانوا يعاملونهم بأفضل مما كان القوط يعاملونهم (٥٧٠)، هذا بالإضافة إلى موارد الزكاة التي يدفعها أغنياء المسلمين بالأندلس. فتح المسلمون أرض الأندلس بأشكال مختلفة، فبعضها فتح عنوة (أرض الجنوب) وبعضها وجده المسلمون خالياً فاستوطنوه، وبعضها نزل أهله على الصلح فاحتفظوا بأراضيهم وجرى التعامل بينهم وبين الفاتحين بموجب شروط معاهدة معقودة بين الطرفين. وهذه الشروط بصورة عامة شملت أمرين: الأول أن يدفع هؤلاء جزية على رؤوسهم، والثاني خراجاً على أراضيهم، وكان على الأغلب جزءاً من غلة الأرض يعادل الثلث أحياناً والربع حيناً آخر حسب طيب الأرض وغلتها (٥٧١). وما عدا ذلك، فإن جميع الأراضي الأخرى التي وقعت بيد المسلمين سواء منها المفتوحة عنوة، أو الخالية التي هرب منها أصحابها من النبلاء ورجال الكنيسة. فتقاسمه الفاتحون على أساس نزول كل قوم فيما طاب له من الأرض (٥٧٢).

أما حق بيت المال في هذه الأراضي، فلم يحاول موسى بن نصير أن يقتطعه من الأراضي كلٌ حسب طريقة فتحها، أي أن يعامل قسماً منها كفيء، ويعامل القسم الآخر كغنيمة، بل عاملها كلها معاملة الغنيمة، ولم يحاول موسى أن يأخذ من الأراضي والسبي إلا الخمس، وبعد أن أخذ من خمس السبي ما اختاره لحمله إلى دمشق وترك بقيته (أي السبي) على أرض الخمس كي يثلث مال المسلمين، وعرف هؤلاء باسم الأخماس وأطلق على أبنائها بنو الأخماس (أولاد الأخماس) (٥٧٣). ونظراً لضيق الوقت وسرعة استدعاء موسى إلى الشام بقيت بعض الأراضي دون تخميس، وقد تعلل


(٥٦٩) مؤنس، فجر الأندلس، ص ٥٩٧.
(٥٧٠) صلاح خالص، إشبيلية، ص ٤٧ وما بعدها - عنان، دولة الإسلام، ج ١، ص ٧٥.
(٥٧١) ينظر، رواية الرازي في الرسالة الشريفية، افتتاح الأندلس، ص ٢١١ - بدر، دراسات، ج ١، ص ٤١.
(٥٧٢) المقري، نفح، ج ١، ص ٢٥٨.
(٥٧٣) نص الرسالة الشريفية، افتتاح الأندلس، ص ٢٠٤ - ٢٠٥ - مؤنس، فجر الأندلس، ص ٦٢٤.

<<  <   >  >>