للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلد حيث قال الشاعر ابن خفاجة:

يا أهل أندلس! لله دركم ... ماء وظل وأنهار وأشجار

ما جنة الخلد إلا في دياركم ... ولو تخيرت هذي كنت أختار (٥٧٨)

ولهذا نرى بلج وجماعته الشاميين رغبوا ببلاد الأندلس عندما دخلوها واستطيبوا مواردها، فأحدثوا الفتن المعروفة والتي ذهب بلج ضحيتها، فوزع الوالي الجديد أبو الخطار أتباع بلج على الكور فأنزلهم على ثلث أموال أهل الذمة مقابل أن يؤدوا الخدمة العسكرية، فسميت هذه الكور بالكور المجندة (٥٧٩).

وكان من أغراض التقسيم الإداري في الأندلس، ضبط الضرائب، ويعني ذلك أن الأقليم يعتبر وحدة مالية في نظر الدولة، وكل إقليم يضم عدداً من القرى. فهناك قرى تدفع العشور، وهي قرى الحبوب والزراعات، وقرى تؤدي جبايات تحدد بحسب طبيعة إنتاجها وهي نواحي الثمار والأشجار والزيتون والغابات. وأحسن مثال لذلك أقاليم سرقسطة عند العذري (٥٨٠)، حيث يتضح منها بأنها تحديدات زراعية تعنى بالري والأنهار والعيون وما تسقيه. والتقسيم الزراعي في أساسه مالي، لأن الذين يرسمونه ينظرون إلى ما يغله كل قسم وما يؤديه من جباية (٥٨١).

وقد عمل الوالي يوسف الفهري ١٢٩ - ١٣٨ هـ على تعديل نظام الضرائب فاقتضى ثلث الدخل من كل ولاية، ولكنه أمر بمراجعة السجلات القديمة، واستبعاد الأموات منها، وكانت الضرائب ما تزال تجبى طبقاً للإحصاء القديم، فكان في ذلك إرهاق للسكان، فقرر يوسف أن تجبى الضرائب من الأحياء فقط، وأسقطها عمن توفوا، واكتسب بذلك عطف كثير من الإسبان المسيحيين بصورة خاصة (٥٨٢).

كما كانت بعض الدلائل تشير إلى غنى بعض ولاة الأندلس وكبار زعمائها، فكان الصميل بن حاتم يمتلك داراً كبيرة وتقع خلف هذا الدار عقدة الزيتون المشهورة التي تضم مائة ألف شجرة، وكانت أمواله كثيرة (٥٨٣). وهناك قناة عامر المنسوبة إلى عامر بن


(٥٧٨) ديوان ابن خفاجة، ص ٨٦.
(٥٧٩) ينظر، ابن الآبار، الحلة السيراء، ج ١، ص ٦١ - ٦٢.
(٥٨٠) نصوص عن الأندلس، ص ٢٣ - ٢٤.
(٥٨١) مؤنس، فجر الأندلس، ص ٥٨٥.
(٥٨٢) عنان، دولة الإسلام، ج ١، ص ١٣٢.
(٥٨٣) ابن القوطية، افتتاح، ص ٢٩.

<<  <   >  >>