للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العامة (٦١١). وفي عهده أصيبت الأندلس بالقحط والمجاعة في الأعوام ٢٥١ هـ - ٢٥٥ هـ - ٢٦٠ هـ وكان قحطاً شديداً استمر بضعة أعوام، وكثر بسببه الغلاء والموت، ولكن الأندلس استطاعت أن تصمد للمحنة وأن تتغلب عليها (٦١٢).

وفي عهد الأمير عبد الله، عصر الحرب الأهلية، تمردت معظم مدن الأندلس على حكومة قرطبة، وصار الأمير في البداية يكتفي بأي شكل من أشكال الخضوع لحكومة قرطبة حتى ولو كان إسمياً. ولعل أقصى تعبير عن الطاعة طمح له الأمير عبد الله أن يؤدي له أولئك المتمردون بمقاطعاتهم قطيعاً معيناً من العشور (أي كمية من المال يتم الاتفاق عليها) ولهذا اشتهر في عهده ديوان يسمى ديوان القطع (٦١٣). كما أن الحملات الكثيرة والمستمرة التي أرسلها الأمير عبد الله لإخضاع المتمردين أدت إلى نضوب موارد الدولة.

وفي عصر الخلافة ٣١٦ - ٤٢٢ هـ، بلغت الأندلس مبلغاً كبيراً من الرخاء، وتضاعفت مواردها من الدخل القومي، فبلغت حصيلة الجباية من المكوس وحدها زهاء مليون دينار في السنة، وبلغت في عهد الخليفة الناصر من الكور والقرى خمسة آلاف وأربعمائة ألف وثمانين ألف دينار، وبلغت من المستخلص (وهي الأملاك السلطانية) سبعمائة ألف وخمسة وستين ألف دينار. وعندما مات الناصر عام ٣٥٠ هـ خلف في بيت المال عشرين مليون دينار من الذهب. وفي أيام الحاجب المنصور حققت موارد الدخل زيادة عظيمة، ووصل محصل الجباية وحده إلى أربعة ملايين دينار سوى رسوم المواريث وسوى مال السبي والغنائم، واستمرت هذه الزيادة في عهد ولده الحاجب عبد الملك (٦١٤). فانعكس هذا الرخاء في الأندلس في هذه الفترة على:

١ - بناء المدن الملوكية وصرف الملايين في بنائها، وأشهرها مدينة الزهراء التي بناها الخليفة الناصر، ويبدو لنا كمية الأموال الطائلة التي صرفت على هذه المدينة، إذا عرفنا أن مقدار النفقة السنوية عليها ٣٠٠ ألف دينار طوال عهد الناصر (٣٢٥ هـ بدأ البناء، ومات الناصر عام ٣٥٠ هـ) أي مدى خمسة وعشرين عاماً، هذا عدا ما أنفق عليها في


(٦١١) ينظر، ابن عذاري، البيان، ص ٢، ص ١٠٧.
(٦١٢) عنان، دولة الإسلام، ج ١، ص ٣١٢.
(٦١٣) بدر، دراسات، ج ١، ص ٢٥١.
(٦١٤) عنان، دولة الإسلام، ج ٢، ص ٦٩٠، ص ٥٧٤.

<<  <   >  >>