للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عهد ولده الحكم (٦١٥). وهذا الإسراف هو الذي حدى بالقاضي منذر بن سعيد البلوطي أن ينتقد الناصر ويتصدى لهذا التبذير (٦١٦). وبناء مدينة الزاهرة في عهد الحاجب المنصور حيث بدأ العمل بها عام ٣٦٨ هـ ولمدة عامين. ثم ابتنى إلى جانبها مدينة جميلة ذات قصر وحدائق للراحة سماها العامرية (٦١٧).

٢ - الاهتمام بالحركة العلمية والإغداق على العلماء وشراء نفائس الكتب بأثمان عالية، وقد اهتم الخليفة الحكم المستنصر بهذا الأمر حيث كان يبعث إلى أكابر العلماء المسلمين من كل قطر بالصلات الجزيلة، للحصول على النسخ الأولى من مؤلفاتهم، فتراه يرسل إلى أبي الفرج الأصفهاني ألف دينار من الذهب ليحصل على نسخة كتابه الأغاني، قبل أن يحصل عليه أحد في العراق. كما أرسل إليه الأصفهاني كتاباً ألفه في أنساب بني أمية فجدد له الحكم الصلات والهدايا (٦١٨). وفعل الحكم كذلك مع القاضي أبي بكر الأبهري المالكي، إذ بعث إليه بمبلغ كبير ليحصل على النسخة الأولى من شرحه لمختصر ابن عبد الحكم. وأسبغ الحكم رعايته على اللغوي أبي علي القالي الذي وفد من العراق على أبيه الناصر كما هو معروف. وأهدى إليه أبو عبد الله الخشني بعض كتبه ومنها كتاب قضاة قرطبة (٦١٩). وأهدى إليه مطرف بن عيسى الغساني كتابه المعروف أخبار كورة رية. وكان للحكم طائفة من مهرة الوراقين بسائر البلاد الإسلامية ينقبون له عن الكتب ويحصلون منها على النفيس والنادر. كما كانت له في بلاطه طائفة من البارعين في نسخ الكتب وتحقيقها وتجليدها، وبذل لهم الأموال الكبيرة (٦٢٠). كما شغف الحاجب المنصور في جمع الكتب مقلداً بذلك الخليفة الحكم المستنصر ومن ذلك أن صاعداً البغدادي أهدى إليه كتاب الفصوص فأثابه الحاجب المنصور بخمسة آلاف دينار (٦٢١)، وعين له راتباً شهرياً قدره ثلاثون دينار.

٣ - كما أن هذا الرخاء شجع الأندلس على اتباع سياسة أفريقية جديدة وبخاصة منذ


(٦١٥) ينظر، المقري، نفح، ج ١، ص ٢٦٥.
(٦١٦) ينظر، النباهي، المرقبة العليا، ص ٦٩ - ٧٠.
(٦١٧) عنان، دولة الإسلام، ج ٢، ص ٥٣٥، ص ٥٧٥.
(٦١٨) ابن الآبار، الحلة السيراء، ج ١، ص ٢٠١ - ٢٠٢.
(٦١٩) الخشني، قضاة قرطبة (المقدمة)، ص ١ - ٢.
(٦٢٠) عنان، دولة الإسلام، ج ٢، ص ٥٠٥ - ٥٠٦.
(٦٢١) ابن بشكوال، الصلة، ص ٢٣٨ (ترجمة رقم ٥٤١).

<<  <   >  >>