للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إعلان الخلافة الأندلسية عام ٣١٦ هـ للتصدي للدولة الفاطمية في شمال أفريقية وأعوانها وبدأت من هذا العصر سياسة أندلسية جديدة للتدخل في إثارة بعض الحركات ضد الفاطميين، إلى جانب السيطرة على بعض مدن الساحل الإفريقي، وإلى إخماد بعض الفتن المغربية أمثال حركة الحسن بن كنون الذي يمثل بقايا الأدارسة. فكان هذا الأمر يتطلب أموال طائلة لإخماد مثل هذه الحركات، إضافة إلى بذل الأموال من أجل استمالة بعض القبائل المغربية (٦٢٢).

وشهدت الأندلس خلال عصر الخلافة مجاعات متعددة أصابت الأندلس بالقحط والمجاعات، ففي عهد الخليفة الناصر (٣٠٠ - ٣٥٠ هـ)، حل قحط شديد بالأندلس عام ٣٠٢ - ٣٠٣ هـ فنقصت الأقوات وارتفعت الأسعار وبلغ قفيز القمح في قرطبة بثلاثة دنانير، وبلغت الشدة بالناس مبلغاً عظيماً، وانتشر الوباء مع القحط، وكثر الموت، وهلك كثير من الرؤساء والوجهاء. قام الخليفة الناصر ببذل الأموال وتوزيع المؤن لشعبه وشاركهُ في الأمر كثير من رجالات الدولة، فكان لمجهودهم أثر كبير في التخفيف من آثار هذه المحنة (٦٢٣). وفي عام ٣١٧ هـ حلت مجاعة جديدة بالأندلس نتيجة احتباس المطر، فغلت الأسعار على نحو ما حدث في عام ٣٠٣ هـ، فخرجت كتب الخليفة الناصر إلى جميع العمال على الكور بالأمر بصلاة الاستسقاء، وفي عام ٣٢٤ هـ وقع محل جديد بالأندلس فاحتبس المطر وجفت الزروع، وبذل الناصر الأموال لمعالجة الأزمة وبذلك قال الشاعر:

نعم الشفيع إلى الرحمن في المطر ... مستنزل الغيث بالأعذار والنذر (٦٢٤)

وعاد المحل والقحط يعصف بالأندلس عام ٣٢٩ هـ فعم الجفاف البلاد. وأصيب النظام الاقتصادي وبخاصة التجاري في قرطبة بهبوط كبير نتيجة الحريق الكبير الذي دمر أسواق قرطبة في عام ٣٢٤ هـ (٦٢٥). وفي عهد الحكم المستنصر (٣٥٠ - ٣٦٦ هـ) وقعت


(٦٢٢) ينظر التفاصيل، العبادي، في التاريخ العباسي والأندلسي، ص ٣٩٣ - ص ٣٩٨ وما بعدها - ص ٤٢٣ وما بعدها - ص ٤٤٤ وما بعدها - ليلى أحمد نجار، العلاقات بين المغرب والأندلس، ص ٥٤ وما بعدها.
(٦٢٣) ابن عذاري، البيان، ص ٢، ص ١٦٦.
(٦٢٤) ينظر، ابن حيان، المقتبس، ج ٥ الخاص بعصر الخليفة عبد الرحمن الناصر - ابن عذاري، البيان، ج ٢، ص ١٩٩.
(٦٢٥) عنان، دولة الإسلام، ج ٢، ص ٤٢٥.

<<  <   >  >>