للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العسكرية دفعت ولاة الأمر إلى فرض الإتاوات على أهل المغرب والأندلس، فنرى يوسف بن تاشفين يفرض أموالاً كثيرة على يهود اليسانة بالأندلس (٦٥٣)، ولجأ علي بن يوسف إلى فرض الإتاوات على مختلف الصنائع والسلع وبخاصة على الصابون والعطور والنحاس والمغازل، كما أنه استخدم المسيحيين الإسبان في تحصيل الجبايات (٦٥٤).

ازدهرت الصناعة في بلاد المغرب في ظل المرابطين بعد أن أصبحت الأندلس ولاية تابعة لها، وذلك لأن ولاة الأمر المرابطين استفادوا من خبرات أهل الأندلس في الصناعة (٦٥٥). فزيادة على استعانة ولاة الأمر من المرابطين بصناع ومهرة الأندلس، كانت السفن تسير في قوافل منتظمة تحمل البضائع المختلفة بين المغرب والأندلس. وكان المغرب يمد الأندلس بالغلات وأنواع الطعام المختلفة في العصور السابقة لعهد المرابطين (٦٥٦)، وقد استمر هذا الأمر عندما أصبحت الأندلس ولاية مرابطية. ومن ناحية أخرى، فإن الأندلس كان يصدر إلى المغرب كثيراً من البضائع ومنها الفواكه، وكذلك القطن الجيد المزروع بأرض إشبيلية (٦٥٧)، وكان معدن الزئبق أيضاً ممّا يصدرهُ الأندلس إلى المغرب (٦٥٨)، أما الحصى الملون فإن الأمراء بمراكش كانوا يستوردونه من المرية ليزينوا به بعض أدوات الطعام (٦٥٩). وقد وصف الإدريسي مدينة المرية في عهد المرابطين بازدهار الصناعات الحريرية والمنسوجات الأخرى (٦٦٠). وكانت الأندلس كذلك تصدر الأدوات الخشبية إلى المغرب، وكذلك المنسوجات التي اشتهرت بها مدينة بلنسية (٦٦١).

تميز عهد المرابطين سواء في المغرب أو في الأندلس برفاهٍ اقتصادي في ميداني الزراعة والصناعة، إضافة إلى أنهم كانوا يسيطرون على سجلماسة وهي نهاية طريق مهم للقوافل التي تتاجر بذهب بلاد السنغال. وقد استمر فيضان الذهب عبر هذا الطريق بعد


(٦٥٣) عنان، عصر المرابطين، ص ٤٢١.
(٦٥٤) ابن الأثير، الكامل، ج ٨، ص ٢٩٦ - النويري، نهاية الأرب، ج ٢٢، ص ٨٥.
(٦٥٥) السامرائي، علاقات، ص ٤٧٩.
(٦٥٦) ينظر ابن حوقل، صورة الأرض، ص ٨٢.
(٦٥٧) الحميري، الروض المعطار، ص ٢١.
(٦٥٨) المراكشي، المعجب، ص ٤٤٨.
(٦٥٩) المقري، نفح، ج ٤، ص ٢٠٦.
(٦٦٠) وصف المغرب والأندلس، ص ١٩٧ - مورينو، الفن الإسلامي في إسبانيا، ص ٤١٩.
(٦٦١) الحميري، الروض المعطار، ص ١٦٥ - المقري، نفح، ج ٤، ص ٢٠٧.

<<  <   >  >>