للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عقوداً أخرى مع حوالي مائتي خبير عربي في مختلف الصناعات ولا سيما إنشاء السفن وصناعة النسيج والزجاج والبناء وفنون الزراعة. ولقد أقام بعض المهندسين العرب أكبر جسر على نهر التايمس في بريطانية عرف باسم (جسر هليشم Helichem) وهذه الكلمة تحريف لكلمة هشام خليفة الأندلس الذي أطلق الإنكليز إسمه على هذا الجسر عرفاناً بفضله لأن أرسل إليهم أولئك المهندسين العرب. وكذلك كان المهندسون العرب هم الذين شيدوا قباب الكنائس في بافاريا، ولا تزال توجد بإحدى المدن الألمانية (شتوتغارت) حتى اليوم سقاية ماء تدعى (أميديو Amedeo) وهو تحريف لكلمة أحمد المهندس العربي الذي بناها (١٠).

واستمرت عملية التأثير غير المباشر زهاء ثلاثة قرون، وقد عملت على وضع أول خطوة في طريق تغير العقلية الأوروبية.

٢ - عصر الترجمة من العربية إلى اللاتينية:

يبدأ هذا العصر من منتصف القرن الحادي عشر الميلادي إلى أواخر القرن الثالث عشر، وأول ما اهتم به المترجمون، هو ترجمة العلوم العربية المنقولة عن العلوم اليونانية أولاً، ومن ثم ترجمة العلوم العربية الإسلامية ثانياً.

بعد أن استرد الإسبان مدينة طليطلة عام ٤٧٨ هـ/١٠٨٥ م أصبحت على الحدود بين دولة العرب في الأندلس وبين الممالك الإسبانية وأوروبا. ولقد امتازت هذه المدينة بكثرة مكتباتها خصوصاً وقد انتقل إليها آلاف المجلدات من المشرق، وبقيت الثقافة العربية فيها حتى بعد سقوطها بيد الإسبان. وقامت فيها حركة ترجمة من قبل هيئة من المترجمين نقلوا فيها كتب العرب إلى اللاتينية.

وفي عهد مطران طليطلة (ريموندو ١١٢٦ - ١١٥٢ م) أسس معهداً للترجمة وعهد برئاسته إلى (دومنجو غنصالفة) الذي برز نشاطه ما بين عام ١١٣٠ وإلى عام ١١٨٠ م، والذي يعد أشهر رجال الترجمة في العصر الوسيط من العربية إلى اللاتينية عن طريق الإسبانية العامية (١١). فقد كانت الطريقة في الترجمة أن يقوم يهودي مستعرب -ومن أشهرهم في معهد الترجمة بطليطلة إبراهام بن عزرا- بترجمة النص العربي شفوياً إلى اللغة الإسبانية العامية، ثم يتولى (غنصالفة) الترجمة إلى اللاتينية. ومن بين ما ترجمه


(١٠) ينظر، السامرائي، دراسات، ص ٣٨٧ - سليم طه التكريتي: " أوروبا ترسل بعثاتها إلى الأندلس "، ص ٩٠ وما بعدها.
(١١) السامرائي، دراسات، ص ٣٨٩.

<<  <   >  >>