للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غنصالفة على هذا النحو مؤلفات الفارابي وابن سينا والغزالي. وشاركه في الترجمة أحياناً (خوان بن داوود) إذ اشتركا سوية في ترجمة كتاب (في النفس) لابن سينا، وشاركه أيضاً المترجمان الإنكليزيان (روبرت الكيتوني وأدلارد الباثي). واشتهر أدلارد الباثي بترجمة جداول في علم الفلك لمسلمة المجريطي عام ١١٢٦ م (١٢).

واستمرت حركة الترجمة في مدينة طليطلة في القرن الثالث عشر، ووفد إليها علماء أوروبا أمثال (ميخائيل سكوت) الذي ترجم كتباً لابن سينا. ومن كبار المترجمين في طليطلة (ماركوس) شماس طليطلة الذي ترجم بعض مؤلفات جالينوس الطبية -المترجمة إلى العربية أصلاً- كما ترجم القرآن الكريم وبعض كتب علم التوحيد، كما ترجم (هرمانوس المانوس) شرح ابن رشد على كتاب الأخلاق لأرسطو عام ١٢٤٠ م.

ويلاحظ من أعمال ماركوس أن هناك دافعاً دينياً وراء اهتمام الأوروبيين في هذا القرن باللغة العربية، فقد أرادت الكنيسة الكاثوليكية أن تحول المسلمين إلى المسيحية، وأن تربط الكنائس الشرقية بروما بعد توحيدها. ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف، لا بد من تعلم العربية، وقد أثمر هذا الاهتمام أولاً بترجمة القرآن إلى اللاتينية تنفيذاً لفكرة بطرس الجليل (رئيس دير كلوني) الذي زار إسبانيا عام ١١٤١ م في مهمة دينية، فأتيحت له فرصة مراقبة بدايات الصراع بين الأندلس والممالك الإسبانية، وكان ذلك أثناء حكم دولة الموحدين (١٣)، وقد توصل إلى أن القوة المسلحة لا تجدي نفعاً في محاربة الإسلام، وإنما ينبغي اللجوء إلى المنطق، وذلك بفهم الخصم أولاً، والإصغاء إلى جدله وحججه ثانياً، وبما أن القرآن هو المرجع الأول لدى المسلمين فقد وجب على الأوروبيين فهمه. ولتحقيق هذه الغاية قام بطرس الجليل بتكليف الراهب الإنكليزي (روبرت الكيتوني) الذي كان يدرس آنذاك الفلك العربي والرياضيات في إسبانيا، أن يترجم القرآن إلى اللاتينية وأجزل له العطاء، وقد لقيت ترجمته رواجاً واسعاً (١٤).

ومن الذين اهتموا بالدراسات العربية بدافع ديني هو (رامون لل) من أهل ميورقة الذي برز بعد استرجاع الجزائر الشرقية من يد المسلمين عام ٦٢٧ هـ/١٢٣٠ م، فقد درس اللغة العربية تسع سنوات على يد أسير مسلم، ثم نجح في تأسيس معهد لتدريس


(١٢) ينظر، أوليري، الفكر العربي، ص ٢٣٤ - جلال مظهر، حضارة الإسلام، ص ٥٢٣ - لويس يونغ، العرب وأوروبا، ص ١٢، ص ١٢٠.
(١٣) ينظر، السامرائي، دراسات، ص ٣٩٠.
(١٤) ينظر، لوبون، حضارة العرب، ص ٦٧٧ - لويس يونغ، العرب وأوروبا، ص ١٢ - ١٣ - عبد الرحمن بدوي، دور العرب، ص ١٠.

<<  <   >  >>