للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العربية، وكان يؤمن بالحوار مع المسلمين مع الاعتقاد سلفاً بتفوق الدين المسيحي.

ولتحقيق هذا الغرض أبحر في عام ١٢٩١ م إلى تونس من أجل إجراء مناقشة علنية مع علماء المدينة حول أوجه الخلاف بين المسيحية والإسلام، وقد أدت المناقشة إلى طرده فعاد إلى أوروبا، ثم كرر العودة إلى تونس فثار عليه العوام وقتلوه عام ١٣١٦ م (١٥). وفي عهد ألفونسو الحكيم انتشرت حركة الترجمة من العريية إلى الإسبانية، فترجمت كتب كليلة ودمنة، وعشرات من كتب الفلك فكان لهذا أثره في قيام اللغة الإسبانية أولاً، ومن ثم تقدم الدراسات العلمية في إسبانيا وانتقالها إلى أوروبا ثانياً. وأنشأ ألفونسو الحكيم عام ١٢٥٤ م جامعة إشبيلية وخصصها لدراسة العربية واللاتينية (١٦).

٣ - عصر الاستعراب - قمة التأثير العربي:

ويمتد هذا العصر من منتصف القرن الثالث عشر حتى منتصف القرن الخامس عشر. وقد اتصف هذا العصر بالقبول الأعمى لكل ما هو عربي، والنظر إليه باعتباره الحجة النهائية.

في هذه الفترة نستعرض أثر العلوم العربية المختلفة في تكوين الفكر الأوروبي في مختلف ميادينه:

ففي مجال الفكر الفلسفي، عرفت أوروبا في القرنين الثاني عشر والثالث عشر عن طريق الأندلس مؤلفات أرسطو، وأجزاء من فلسفة أفلوطين وأبرقلس، ومعالم من فلسفة أفلاطون وذلك بواسطة معاهد الترجمة في مدينة طليطلة، إذ قام المترجمون بترجمة كتاب البرهان من منطق أرسطو (أور جانون أرسطو) أي مؤلفات أرسطو المنطقية مثل (التحليلات الثانية - السماء والعالم - الكون والفساد)، كما ترجموا كتاب (الخير المحض) المنسوب إلى أرسطو. فكان لهذه الحركة أثر فعال في إخصاب الفكر الأوروبي الذي سرعان ما خضع لفلسفة أرسطو (١٧).

كما أثر الفلاسفة العرب في أوروبا عندما ترجمت مؤلفاتهم إلى اللاتينية وبعض


(١٥) لويس يونغ، العرب وأوروبا، ص ١٤.
(١٦) جلال مظهر، حضارة الإسلام، ص ٥٢٤ - هونكه، شمس العرب، ص ١٣٦ وما بعدها - عبد الرحمن بدوي، دور العرب، ص ١٠.
(١٧) ينظر، عبد الرحمن بدوي، دور العرب، ص ٣٠ - أرنست بنتس، " الثقافة الإسلامية تنقل الفلسفة اليونانية إلى أوروبا " ترجمة سليم طه التكريتي، مجلة المورد العدد ٤ (بغداد: ١٩٨١)، ص ٤٦٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>