للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغات الأوروبية الحديثة. فترجم يوحنا الإسباني منطق ابن سينا، وترجم غنصالفة بمساعدة يوحنا الإسباني قسم الطبيعيات وقسم النفس وقسم الإلهيات من كتاب الشفاء لابن سينا أيضاً، كما ترجموا كتاب مقاصد الفلاسفة للإمام الغزالي وكتاب ينبوع الحياة لابن جبرول (توفي عام ٤٥٠ هـ) (١٨). وقد تأثر شيخ المترجمين الأوروبيين غنصالفة بآراء فلاسفة الإسلام، فألف كتاباً نجد فيه آثار الفلسفة الإسلامية، ومن أشهر كتبه التي بدأ فيها تأثير ابن سينا وابن جبرول هو كتاب (صدور العالم - في خلود النفس - في التوحيد)، وعندما بدأ الأوروبيون قراءة كتب فلاسفة الإسلام بدأت النهضة الحقيقية للفكر الفلسفي الأوروبي (١٩).

وأول من أدخل فلسفة ابن رشد إلى أوروبا ميخائيل سكوت عام ١٢٣٠ م، ولم يأت منتصف القرن الثالث عشر حتى كانت جميع كتب هذا الفيلسوف قد ترجمت إلى اللغة اللاتينية (٢٠). ورسالة حي بن يقظان لمؤلفها أبي بكر بن طفيل، ترجمت إلى العبرية في القرن الرابع عشر الميلادي، وإلى اللاتينية في القرن الخامس عشر الميلادي، وبتوالي السنون ظهرت ترجمات بلغات مختلفة لهذه الرسالة (٢١).

أما أثر التصوف الإسلامي في نشأة التصوف الأوروبي، فقد أثرت آراء الصوفي الأندلسي ابن عباد الرندي (توفي عام ٧٢٠ هـ) على آراء الصوفي الإسباني يوحنا الصليبي. ومن المعروف أن ابن عباد الرندي كان صوفياً على الطريقة الشاذلية - سبق يوحنا الصليبي بمائتي سنة، ويبدو أن التوافق بين آراء العالمين جاء نتيجة، أن الطريقة الشاذلية كانت واسعة الانتشار في المغرب والأندلس في القرن الرابع عشر والخامس عشر الميلادي، ولا بد أنها ظلت عميقة التأثير والانتشار بين المسلمين الذين غلبوا على أمرهم وبقوا في إسبانيا بعد إخراج العرب منها عام ١٤٩٢ م، وعن هؤلاء تلقى يوحنا الصليبي علمه بالطريقة الشاذلية (٢٢).


(١٨) شاخت وبوز ورث، تراث الإسلام، ج ٢، ص ٢٦٤ - ٢٦٥ - عبد الرحمن بدوي، دور العرب، ص ٣٠ - ٣١.
(١٩) عبد الرحمن بدوي، دور العرب، ٣١.
(٢٠) حسني أحمد، الحضارة العربية، ص ٩٧ - ٩٨.
(٢١) ضياء أولكن، " أثر الفكر العربي الإسلامي في الفلسفة الغربية " ترجمة عبد الصاحب السعدي، مجلة المورد، العدد ٤، ص ٤١٠ - ينظر شاخت وبوز ورث، تراث الإسلام، ج ٢، ص ٢٧٣.
(٢٢) عبد الرحمن بدوي، دور العرب، ص ٢٥ - ٢٧.

<<  <   >  >>