للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودرجة الكعبة حتى وصلت إلى باب إبراهيم، وسلّم الله المصاحف والربعات التي بقُبّة الفراشين، لأن صاحب النوبة لما استشعر بالسيل رفعها علو الرفوف بها، جزاه الله خيرا، بل دار على الفقراء اليمانيين (١) في المسجد وأقامهم فخرجوا سالمين بحمد الله ولم يُصَب منهم إلّا فقير أعمى كان في جهة باب إبراهيم فاز بالشهادة، وتعلّق رجلان منهم على درجة باب قبة العباس ومسكا حلق الباب حتى تصرّف غالب الماء من المسجد، واستمر غالب النهار لكنه وقف السيل وصار يخرج من الأبواب الثمانية عند طلوع الشمس، وكان غالب خروجه من باب إبراهيم.

وامتلأت ثلاث بِرك الحاج التي بالمعلاة إلى علوها وكسِر جانب إحدى (٢) بركتي المصري الموالي للمسجد الحرام في ركنها اليماني، وطاح كثير من الدور التي في طريق سوق الليل والمسفلة بل أطراف مكة وداخلها وعلو جبل أبي قبيس وتوالى ذلك أيامًا. وكان الهدم سالما لم يعطب فيه أحد إلّا رجلًا إسكندرانيًا أثنَى [٨٤ أ] الناس عليه خيرًا، وعم السيل نواحي كمنى وعرفة والأودية وجدة وغير ذلك، وتعطل الناس من السفر إليها نحو اليومين بل طاح كثير (٣) من بيوت منى ويقال إنّ عدة الواقعة بها وبمكة قريب من ألف بيت، وكان منها منزلنا بهما مع غيرهما من الأملاك، فالله تعالى يعين على عمارتها جميع المُلّاك.

وصلّى الناس ظهر تاريخه على سطح المسجد الحرام واستمروا على ذلك إلى ظهر ثانيه لأن ناظر المسجد الحرام قاضي القضاة الشافعي المحبي بن ظهيرة بادر في صبْحه مع أتباعه وخلق من أكابر مكة والتجار والمجاورين بها للعمل في تنظيف المطاف وشيل الوحل منه إلى خارجه فبذلوا الهمّة في ذلك، ونالوا به أحسن المسالك، بحيث نُظّفَ الحجر والمطاف ومقام إبراهيم ومقام الحنفية في نصف نهار، ولله الحمد.


(١) كذا بالأصل، ولعل صوابها: "البائتين بالمسجد".
(٢) بالأصل: أحد.
(٣) بالأصل: كثيرا.