للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفاته فإنه صلاها قاعدا، وقال: هي صلاة الوداع، مع وصيته عقبها بعدة من الخيرات والصلة والمبرات، بل عرجت روحه [٩٣ ب] السعيدة، وهو يتلو آيات من القرآن عديدة. وحضر لوفاته (١) جماعة من الفقراء والمحبين، ممن انتظم في سلك العلماء والصالحين، فعادت بركته عليهم وفاحت نفحاته (٢) لديهم، فسمع الناس بذلك، فقصده للسلام عليه كل قاطن وسالك.

فكانت ساعة مهولة ذرفت لها العيون ووجلت لها القلوب، فيالَها من ساعة لم يُر مثلها ولم يفْجَع الخلق بأعظم منها، فثَبتَ عندها من وفّقه الله، وتلا عليه ختمة من كلام الله، وكان فراغها عند ابتداء غسله وقت السحر، وجهّز من وقته ووضع عند باب الكعبة والحجر، وصلّى عليه عقب صلاة الصبح يوم الإثنين قاضي القضاة الشافعي المحبي بن ظهيرة، بعد نداء الرئيس له بألقاب معتبرة شهيرة، وشيّعه خلق من الأعيان، وغيرهم من الرجال والنساء والصبيان، ودفن بقبر جديد في الشعب الأعلى أمام قبر الشيخ أبي كثير بالمعلاة، وهرع الناس صباحًا ومساءً للقراءة عليه خمسة أيام، وأنشدت عنده مرثيتان (٣) يوم الختم، وذلك يوم الجمعة عاشر الشهر الحرام، أولاهما (٤) للشيخ الصوفي الأديب بدر الدين حسن بن الإدلبي الحلبي نزيل مكّة المشرفة وقرأها بلفظه وعدتها سبعة وعشرون بيتا ومطلعها:

فرّق الموت بيننا بالفراق … ما أمرّ المنون عند المذاق

هكذا تفعل المنايا دواما … وطؤها بالمناسم الأعناق

وثانيتهما (٥) للعلامة البليغ زين الدين عبد اللطيف بن علي بن إبراهيم الأزهري


(١) بالأصل: بوفاته.
(٢) بالأصل: نفحاتهم.
(٣) بالأصل: مرثيتين.
(٤) بالأصل: أولهما.
(٥) بالأصل: ثانيهما.