واستمر قاتله في السجن عند الحاكم جمعة. وبلغني أنهم توجّهوا به إلى قاضي المالكية الشرفي أبي القاسم المالكي ليأمر بقتله. فقال لهم: أطلقوه من الزنجير وادخلوا به إلى مجلسي حتى أسأله عن حاله، ففعلوا ذلك فسأله عن سبب قتله فاعترف له به وقال: إنه كان يحترش بعيالي في الهند وكذا بمكة، فحملتني الغيرة منه حتى قتلته. وكذبه الناس في قوله لكون خصمه عاقلًا دينًا ملازمًا للعبادة والتلاوة وظاهر عليه الخير حتى خُتم له بالشهادة وأمر القاضي بردّه إلى السجن حتى يحضر ولي المقتول وهو غائب بالهند. وكثر كلام الناس في تأخير قتله خوفًا من سطوة بعضهم على بعض بذلك. وعند الحنفية يُقتل لأجل ذلك سياسة فتوقف الحاكم جمعة ينتظر كلام الوزير معه ليخدمه مال، فلم يُلْقِ له بالًا وقال: أمره راجع إلى الدولة. بل أفحش الناظر على المواريث من جهة الأروام في بيع مخلّف الميت حتى جاريته وهي حاملة من سيّدها. وأنكر الناس ذلك، ونفرت خواطر الهنود من الإقامة بمكة لأجل هذه القضية.
وفي صبح يوم الخميس ثاني عشريّ الشهر أمر الحاكم بشنق القاتل على شجرة في البستان الذي بسوق المعلاة وأقام يومًا وليلة، ثم نزل ثاني تاريخه ودفن بالمعلاة وسكن الأمر من القال والقيل بين العامة. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلمي العظيم.
وفي ليلة الثلاثاء سابع عشريْ الشهر عقد الشيخ المرتضى الولوي أبو زرعة أحمد بن علي المنوفي شيخ رباط ربيع بزواج ابنته على العدل المرتضى محمد ابن الشيخ علم الدين العباسي الموقع بمصر - كان - بحضرة جماعة من الفقهاء، وباشر ذلك قاضي القضاة الشرفي أبو القاسم المالكي الأنصاري، وعمل خطبة بليغة ترجم فيها والد الزوجة بألقاب حسنة. ثم شرب الحاضرون سكرًا مذابا مع البخور والماورد. وحضرتُ ذلك في منزل والد الزوجة. ودخل الزوج في ليلته وهنّأه الناس