للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي طلوع فجر ليلة السبت ثاني تاريخه وُلِد لِوَلدِ نور الدين علي ابن قاضي القضاة بديع الزمان بن الضياء الحنفي، وأمه جوهرة الحبشية، مستولدة قاضي القضاة الجمالي محمد بن يعقوب، ووالده غائب بالقاهرة.

وفي يوم الأحد سابع عشريْ الشهر بُنِيتْ درجتان لطيفتان (١) خلف قبّة الحنفية الجديدة ممّا يلى الوجْه الشمالي، يصعد منهما إلى دكة خشب عُمِلتْ للمكبرين خلف أئمّة الحنفية، وقد أحدث ذلك مع مكبّريْن يضعّفان بصوتهما وقت الصلوات الخمس، ويحصل بذلك ضرر على كثير من المصلّين في المسجد الحرام.

وحدوث ذلك في هذا العام من جهة الأروام، فلا حول ولا قوة إلا بالله. وكمُل بناؤهما في ثاني تاريخه.

وفي ضحى يوم الثلاثاء ثامن عشريْ الشهر كسفتْ الشمس كسوفا قليلا نحو السدس، فصلّى لها في المسجد الحرام الخطيب يحيى النويري صلاة لطيفة وخطب بعد ذلك خطبة كثيفة لما اشتملتْ عليه من اللحن والتحريف، والتأدية لها باللفظ العنيف، وتعجّب الناس من ذلك، فالله تعالى يلطف بالمسلمين ويولّي عليهم في الوظائف مَن يسير أحسن المسالك.

وفي أثناء هذا الشهر وصل الخبر إلى مكة المشرفة بأنّ الخواجا عبد الله الذمي الحضرمي توجّه إلى بلاد دهلك (٢) ومعه ثلاثة مراكب فيها نحو مائتي مقاتل، فقاتل سلطانها في شهر ربيع الأول فقتله ونهب البلد، وصارت الأسعار غالية بها، وبمكة أيضًا بيعَتْ الربعية الحب بمحلقين وزيادة ونقصان قليل بحسب الحبوب من الحنطة والذرة والدخن. وتوجّهه (٣) الذمي بعد ذلك


(١) بالأصل: بنى درجتين لطيفتين.
(٢) دهلك: أرخبيل متعدد الجزر وتعرف أكبر جزره أيضا بنفس الاسم. يقع الأرخبيل قبالة مدينة مصوع من جهة الغرب وقبالة جزيرة فراسان من جهة الشرق القريبة من مدينة جيزان. ياقوت: معجم البلدان ٢: ٤٩٢.
(٣) كلمة تكررت بالأصل.