للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عامة، ولو اشتمل على بعض المحاذير (١). قال ابن تيمية: "والشارع لا يحرم ما يحتاج الناس إليه من البيع لأجل نوع من الغرر؛ بل يبيح ما يحتاج إليه في ذلك كما أباح بيع الثمار قبل بدو صلاحها مبقاة إلى الجذاذ وإن كان بعض المبيع لم يخلق وكما أباح أن يشترط المشتري ثمرة النخل المؤبر وذلك اشتراء قبل بدو صلاحها؛ لكنه تابع للشجرة وأباح بيع العرايا بخرصها. فأقام التقدير بالخرص مقام التقدير بالكيل عند الحاجة مع أن ذلك يدخل في الربا الذي هو أعظم من بيع الغرر" (٢)

نوقش: بأنه لا وجود لحاجة إلى هذا الشرط الجزائي، ففي التعويض القضائي عن الضرر بعد وقوعه غنية عن تقديره بالشرط الجزائي مسبقاً قبل وقوع الضرر (٣).

أجيب: بأن الحاجة إلى هذا الشرط الجزائي ماسة لسد أبواب الفوضى والتلاعب في حقوق عباد الله، وهو سبب من أسباب الوفاء بالعقد وليس في التعويض القضائي بعد وقوع الضرر غنية عنه؛ لأن التعويض القضائي خاصة في هذا العصر يكلف الكثير من الجهد، والوقت، والمال، بل إن بعض القضاة لا يرون التعويض أصلاً عن الضرر الحاصل بالإخلال في العقود والالتزامات، فيقع صاحب الحق في ضرر أشد ومن ثم فالحاجة إلى الشرط الجزائي ماسة (٤).

الدليل السادس: أن العمل بمبدأ السياسة الشرعية يؤدي إلى القول بشرعية الشرط الجزائي مقابل التأخير في تسليم المستصنع؛ لأنه وإن لم يرد في مشروعيته نصوص صريحة خاصة، فإنه لا يصادم دليلاً معيناً، ويحقق مصلحة


(١) انظر: الأشباه والنظائر، لابن نجيم ص ١١٤.
(٢) مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٩/ ٢٢٧.
(٣) انظر: الشرط الجزائي، لليمني ص ٢٣٥.
(٤) انظر: الشروط التعويضية، لعياد العنزي ١/ ٣٨٠.

<<  <   >  >>