للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش: بأن هضم صاحب الحق يكون لو امتنع المدين من أداء دينه الحال حتى يضع عنه، أما إذا كان المدين مقراً بما عليه، ووضع عنه صاحب الحق بعض الدين الحال مقابل شرط فليس في ذلك هضم لصاحب الحق (١).

الدليل الثالث: أن إسقاط بعض الدين الحال إبراء، والإبراء فيه معنى التمليك، والأصل في التمليك أنه لا يقبل التعليق بالشرط، كالهبة (٢).

نوقش: بعدم التسليم بأن الإبراء فيه معنى التمليك، بل هو إسقاط محض، ولهذا لا يفتقر إلى قبول المبرأ، ولا رضاه، ولا يرتد بالرد فهو بالعتق والطلاق أشبه منه بالتمليك، وعلى فرض التسليم بأن الإبراء تمليك كالهبة، فإنه لا يسلم بأن الهبة لا تقبل التعليق على شرط، فلا نص، ولا إجماع يدل على بطلان تعليق الهبة بالشرط (٣).

الترجيح: بعد عرض القولين الواردين في هذه المسألة، وأدلة كل قول، ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة، يتبين لي والله أعلم أن القول الراجح هو القول الأول، القائل بجواز إسقاط بعض الدين الحال بالشرط؛ وذلك لأن الأصل في الشروط الصحة واللزوم إلا ماقام دليل على منعه، ولم يقم دليل على منع إسقاط بعض الدين الحال مقابل الشرط، إلا إن امتنع المدين من أداء دينه الحال حتى يضع عنه الدائن بعضه فإنه لا يجوز؛ لأن فيه هضمًا لصاحب الحق، وأكلًا للمال بالباطل.


(١) انظر: إعلام الموقعين، لابن القيم ص ٧٤٦
(٢) انظر: كشاف القناع، للبهوتي ٣/ ٣٩١.
(٣) انظر: إغاثة اللهفان، لابن القيم ٢/ ١٦ - ١٧.

<<  <   >  >>