للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليل القول الأول: أن الأصل في العقود والشروط الصحة إلا ما دل الدليل على منعه ولا دليل يمنع من ذلك، بل إن كل واحد منهما محسن، ومتبرع ببذل حقه من غير عوض (١).

دليل القول الثاني: بأن ذلك بمنزلة الذي يؤخر دينه بعد محله عن غريمه ويزيده الغريم في حقه، فهذا الربا بعينه (٢)، وإن لم يكن ربا فهو ذريعة للربا، وفي المنع منه سدًا لذريعة الربا. قال السبكي (٣): "قال مالك هو باطل مطلقاً-يعني ضع وتعجل- سواء جرى بشرط أم بغير شرط للتهمة وذلك قاعدة مذهبه" (٤)، وقال ابن القيم (٥): "وأما مالك فإنه لا يجوزه مع الشرط ولا بدونه سداً للذريعة" (٦).

يناقش: بالفرق بين مسألة ضع وتعجل وبين الربا، فالربا زيادة في الأجل الحال مع زيادة في الثمن، وهذه عكس الربا فهي إسقاط من الثمن مقابل التعجيل بالأجل، ومن شروط سد الذريعة أن تفضي الذريعة إلى المقصود


(١) انظر: المغني، لابن قدامة ٤/ ٣١٦، المحلى، لابن حزم ٦/ ٣٥٧.
(٢) انظر: الموطأ، للإمام مالك ٤/ ٩٧١.
(٣) هو تقي الدين علي بن عبد الكافي بن علي السبكي، فقيه شافعي، ولد سنة ٦٨٣ هـ، تولى قضاء الشام، ومن مؤلفاته: "الدر النظيم في تفسير القرآن العظيم"، و"السيف المسلول على من سب الرسول"، و"الابتهاج شرح المنهاج"، توفي سنة ٧٥٦ هـ. انظر: طبقات الشافعية، للسبكي ١٠/ ١٣٩، طبقات المفسرين، للأدنوي، ص ٢٨٥.
(٤) فتاوى السبكي ١/ ٣٤٠
(٥) هو محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي، شمس الدين أبو عبد الله بن قيم الجوزية، الإمام المفسر الفقيه، ولد سنة ٦٩١ هـ، من أكبر تلاميذ ابن تيمية، له مصنفات كثيرة مباركة، منها: زاد المعاد في هدي خير العباد ومدارج السالكين، توفي سنة ٧٥١ هـ انظر: ذيل طبقات الحنابلة، لابن رجب ٢/ ٤٤٩، الأعلام، للزركلي ٦/ ٥٦.
(٦) إغاثة اللهفان، لابن القيم ٢/ ١٢

<<  <   >  >>