للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الفيض الكاشاني عن قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}: في أمر الحرب وغيره، مما يصح أن يشاور فيه، استظهاراً برأيهم، وتطييباً لنفوسهم، وتمهيداً لسنة المشاورة للأمة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا وحدة أوحش من العُجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة. وجاء في نهج البلاغة: (من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها، وفي الاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه). وفي الخصال عن الصادق - عليه السلام -: (وشاور في أمرك الذين يخشون الله). اهـ (١).

وفي تلك الحادثة أخذ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مشورة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، في إرسال عثمان بن عفان - رضي الله عنه - إلى أهل مكة للمفاوضة معهم.

وقد ذكر الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان صلح الحديبية مختصرة فقال عن ابن عباس: (إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خرج يريد مكة، فلما بلغ الحديبية، وقفت ناقته، وزجرها فلم تنزجر، وبركت الناقة. فقال أصحابه: خلأت الناقة. فقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: ما هذا لها عادة، ولكن حبسها حابس الفيل، ودعا عمر بن الخطاب ليرسله إلى أهل مكة، ليأذنوا له بأن يدخل مكة ويحل من عمرته، وينحر هديه، فقال: يا رسول الله! ما لي بها حميم، وإني أخاف قريشاً لشدة عداوتي إياها. ولكن أدلك على رجل هو أعز بها مني، عثمان بن عفان! فقال: صدقت) (٢).

رابعاً: لماذا نشنع على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بسبب مشاورته للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ونتهمه بمعارضة أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ونبني عليها طعوناً كثيرة، والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم ينهه عن ذلك الفعل، إن كان مستحقاً للنهي والزجر؟!


(١) تفسير الصافي، وانظر: تفسير مجمع البيان، الجوهر الثمين، تفسير معين، تفسير شبر: في تفسير (سورة آل عمران آية: ١٥٩).
(٢) تفسير مجمع البيان: (٩/ ١٩٤)، بحار الأنوار: (٢٠/ ٣٢٩).

<<  <   >  >>