هل نحن أعلم وأفقه من نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - في تربية أصحابه، وفي كيفية تعاملهم مع كلامه؟!
أو أننا علمنا أمراً قد خفي على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -؟! أو أن هناك سبباً آخر يدعو للغيظ والحنق على ما فعله عمر؟
إن مثل تلك المشاورة قد وقعت بين الإمام علي - عليه السلام - وشيعته، من أمثال حجر بن عدي في معركة صفين، حينما نهى الإمام علي - عليه السلام - جيشه عن لعن وسب معاوية - رضي الله عنه - وجيشه وناقشه في هذه القضية حجر بن عدي وغيره، ومع ذلك لم يطعن الإمام علي - عليه السلام - أو من جاء بعده على حجر بن عدي بسبب معارضته لأمر الإمام علي - عليه السلام -.
فعن عبد الله بن شريك قال:(خرج حجر بن عدي وعمرو بن الحمق يُظهران البراءة واللعن من أهل الشام، فأرسل إليهما علي - عليه السلام -: أن كفّا عما يبلغني عنكما. فأتياه فقالا: يا أمير المؤمنين! ألسنا محقين؟ قال: بلى. قالا: أو ليسوا مبطلين؟ قال: بلى. قالا: فلم منعتنا من شتمهم؟ قال: كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين يشهدون ويتبرؤون)(١).
خامساً: لو سلمنا جدلاً بأن ما فعله عمر - رضي الله عنه - كان مجانباً للصواب بسبب معارضته لأمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فماذا سيكون جوابنا إن قال لنا أحد النواصب: (إن علياً - عليه السلام - كان من رؤوس المعارضين للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في صلح الحديبية، وقد عصى أمره مع سائر الصحابة في عدم حلق رؤوسهم وذبح هديهم؟
بل إن رفض علي بن أبي طالب لأمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يفوق معارضة عمر بن الخطاب وذلك حينما طلب - صلى الله عليه وآله وسلم - منه أن يمسح اسمه عندما كان يكتب كتاب الصلح مع مندوب قريش سهيل بن عمرو فرفض علي بن أبي طالب الانصياع لأمر المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم -؟