الإسلام ابن تيمية حتى كأنه يغرف من بحر، وقد لا يمنعه من الاستطراد والتوسع والبيان والتفصيل إلا نفاد المداد والورق. فرحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيراً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في سبب تأليف كتابه:"وكان من أسباب نصر الدين وظهوره؛ أن كتاباً ورد من قبرص فيه الاحتجاج لدين النصارى بما يحتج به علماء دينهم، وفضلاء ملتهم قديماً وحديثاً، من الحجج السمعية والعقلية، فاقتضى ذلك أن نذكر من الجواب ما يحصل به فصل الخطاب، وبيان الخطأ من الصواب؛ لينتفع بذلك أولو الألباب، ويظهر ما بعث الله به رسله من الميزان والكتاب … وما ذكروه في هذا الكتاب هو عمدتهم التي يعتمد عليها علماؤهم في مثل هذا الزمان، وقبل هذا الزمان، وإن كان قد يزيد بعضهم على بعض بحسب الأحوال. فإن هذه الرسالة وجدناهم يعتمدون عليها قبل ذلك، ويتناقلها علماؤهم بينهم والنسخ بها موجودة قديمة، وهي مضافة إلى بولس الراهب أسقف صيدا الأنطاكي، كتبها إلى بعض أصدقائه، وله مصنفات في نصر النصرانية. وذكر أنه سافر إلى بلاد الروم والقسطنطينية، وبلاد الملافطة، وبعض أعمال الإفرنج ورومية، واجتمع بأجلاء أهل تلك الناحية، وفاوض أفاضلهم وعلماءهم، وقد عظم هذه الرسالة وسماها (الكتاب المنطيقي الدولة خاني المبرهن عن الاعتقاد الصحيح والرأي المستقيم) "، انتهى كلامه.
فأصل الكتاب كان مصنفاً للرد المتسلسل على ما ورد في كتاب الراهب النصراني، وكانت الموضوعات تتبع ذلك الأسلوب بذكر الشبهة أو الدعوى وردها والاستطراد فيها، ثم يتكرر ذلك مع تكرر ما له علاقة بها حسبما يرِد في