ومما ينبغي أن يُعلم أن سبب ضلال النصارى، وأمثالهم من الغالية -كغالية العباد والشيعة وغيرهم- ثلاثة أشياء:
أحدها: ألفاظ متشابهة مجملة مشكلة ينسبونها إلى الأنبياء، وعدلوا بها عن الألفاظ الصريحة المحكمة. فما ينقلونه عن أنبياء بني إسرائيل وغيرهم ممن أرسل بغير اللغة العربية؛ لابد فيه من أن تثبت نبوة المنقول عنه، ويعلم اللفظ الذي قاله، ويعلم ترجمته، ويعلم مراده بذلك اللفظ، ثم يعلم أن ما ذكروه من كلام الأنبياء دليل على ما يحتجون به.
والثاني: خوارق ظنوها آيات، وهي من أحوال الشياطين.
والثالث: أخبار منقولة إليهم ظنوها صدقاً، وهي كذب.
ولذلك اختلفوا حتى في الصلب، فمنهم من يقول: المصلوب لم يكن المسيح؛ بل الشبيه، كما يقوله المسلمون. ومنهم من يقر بعبوديته لله، وينكر الحلول، والاتحاد، كالأريوسية، ومنهم من ينكر الاتحاد، وإن أقر بالحلول، كالنسطورية. وابتدعوا (الأمانة) التي هي عقيدة إيمانهم، واستندوا في ذلك إلى ألفاظ متشابهة في الكتب، وفي الكتب ألفاظ محكمة تناقض ما ذكروه.
[ادعاء النصارى أن المسيح هو الله]
والنصارى يحتجون في قولهم أن المسيح:«هو الله» بأنه كان يحيي الموتى، ويبرئ الأسقام، ويخبر بالغيوب، ويخلق من الطين كهيئة الطير، ثم ينفخ فيه فيكون طائراً، وذلك كله بأمر الله، وليجعله آية للناس. والله لم