يذكر عن المسيح أنه يخلق خلقاً مطلقاً، ولا خلقاً عامًا، كما ذكر عن نفسه ﵎. والمسيح لم يذكر إلا خلق شيء معين خاص بإذن الله. وما يخلق من الطين كهيئة الطير؛ المراد به تصويره بصورة الطير، وهذا الخلق والتصوير محرم، بخلاف تصوير المسيح، فإن الله أذن له فيه، وجعل المعجزة بأنه: ينفخ فيه الروح فيصير طيراً بإذن الله، وليس المعجزة مجرد خلقه (تصويره) من الطين، فإن هذا مشترك يقدر عليه عامة الناس. والله أخبر أن المسيح إنما فعل التصوير والنفخ بإذنه تعالى، وهذا كله صريح في أنه ليس هو الله، وإنما هو عبد الله. والله أخبر في القرآن أن المسيح خَلَق من الطين كهيئة الطير بإذن الله، ففرّق بين المسيح وبين الله، وبيّن أن الله هو الآذن للمسيح.
وما شاهدوه من معجزات المسيح ﵊، فقد شاهدوا من غيره ما هو مثلها، وأعظم منها، وقد أحيا غيرُه من الأنبياء الموتى بإذن الله، وأخبر بالغيوب أكثر منه، ومعجزات موسى ﵇ أعظم من معجزات المسيح ﵇؛ خشبة تصير حيواناً، ثم تعود خشبة مرة بعد مرة، وتبتلع الحبال والعصي، فهذا أعجب من حياة الميت، وأحيا الله من الموتى على يد موسى وغيره من أنبياء بني إسرائيل أعظم ممّن أحياهم على يد المسيح، وبياض اليد من غير برص ثم عودها عند موسى؛ أعظم من إبراء أثر البرص الذي فعله المسيح ﵇. وموسى فلق الله له البحر، وكان الله يطعمهم على يده المن والسلوى، مع كثرة بني إسرائيل، ويفجر لهم بضربه للحجر كل يوم اثني عشر عيناً يكفيهم، وهذا أعظم من إنزال المسيح ﵇ للمائدة، ومن قلب الماء خمراً، ونحو ذلك مما يحكى عنه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وكان لموسى