للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وسطية شريعة الإسلام بين اليهود والنصارى]

ولم يحرم الله على أمة محمد شيئاً من الطيبات، كما حرم على اليهود. ولم يحل لهم شيئاً من الخبائث، كما استحلتها النصارى. ولم يضيق عليهم باب الطهارة والنجاسة، كما ضيق على اليهود الذين يبالغون في اجتناب النجاسات. ولم يرفع عنهم طهارة الحدث والخبث، كما رفعته النصارى؛ فلا يوجبون الطهارة من الجنابة، ولا الوضوء للصلاة، ولا اجتناب النجاسة في الصلاة؛ بل يَعُدُّ كثيرٌ من عُبَّادهم مباشرة النجاسات من أنواع القرب والطاعات!! حتى يقال في فضائل الراهب: له أربعين سنة ما مس الماء!! ولهذا تركوا الختان مع أنه شرع إبراهيم الخليل وأتباعه.

واليهود إذا حاضت عندهم المرأة لا يؤاكلونها ولا يشاربونها ولا يقعدون معها في بيت واحد، والنصارى لا يحرمون وطء الحائض. وكان اليهود لا يرون إزالة النجاسة؛ بل إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه بالمقراض ويستخرجون الدم من العروق (١)، إلى غير ذلك من الآصار والأغلال التي كانت عليهم. والنصارى ليس عندهم شيء نجس يحرم أكله، أو تحرم الصلاة معه؛ إلا ما كرهه الإنسان بطبعه، فيصلون مع الجنابة والحدث وحمل النجاسات، ويأكلون الخبائث كالدم والميتة ولحم الخنزير، إلا من كره منهم شيئاً فتركه.


(١) يعني: في ذبائحهم.

<<  <   >  >>