واليهود يبالغون في طهارة أبدانهم، مع خبث قلوبهم. والنصارى يدّعون أنهم يطهرون قلوبهم، مع نجاسة أبدانهم. والمسلمون يطهرون أبدانهم وقلوبهم جميعاً.
والنصارى لهم عبادات وأخلاق بلا علم ومعرفة ولا ذكاء. واليهود لهم ذكاء وعلم ومعرفة بلا عبادات ولا أخلاق حسنة. والمسلمون جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح، بين الزكاء والذكاء.
واليهود شبهوا الخالق بالمخلوق فيما يختص بالمخلوق، وهو صفات النقص المختصة بالمخلوق التي يجب تنزيه الرب سبحانه عنها؛ كقول من قال منهم: إنه فقير، وإنه بخيل، وإنه تعب لما خلق السماوات والأرض. فقال من قال من اليهود: ﴿إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ [آل عمران: ١٨١]. وقالوا: ﴿يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ [المائدة: ٦٤]، وقالوا: إنه خلق العالم فتعب فاستراح، وحكي عن بعضهم أنه قال: بكى على الطوفان حتى رمد وعادته الملائكة، وأنه ناح على بعض من أهلكه من عباده كما ينوح المصاب على ميته، وأمثال ذلك مما يتعالى الله عنه ويتقدس ﷾، وأيضاً فهم يستكبرون عن عبادة الله وطاعة رسله، ويعصون أمره ويتعدون حدوده، ولا يجوّزون له أن ينسخ ما شرعه، بل يحجرون عليه.
والنصارى يشبهون المخلوق بالخالق في صفات الكمال المختصة بالخالق التي لا يستحقها إلا الله تبارك تعالى مثل كقولهم: إن المسيح هو الله، وابن الله. وكل من القولين يستلزم الآخر؛ فيجعلونه رب العالمين، خالق كل شيء ومليكه، الذي هو بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير. والنصارى أيضاً يصفون اللاهوت بصفات النقص التي يجب تنزيه الرب