وخُص باسم الكلمة؛ فإنه لم يُخلق على الوجه المعتاد الذي خُلق عليه غيره، بل خرج عن العادة، فخُلق بالكلمة من غير السُّنَّة المعروفة في البشر.
[معنى وصف المسيح بأنه (روح الله)]
والإنسان مركب من روح وبدن، والله ﵎ بإجماع المسلمين، واليهود، والنصارى ليس هو روحًا وبدناً كالإنسان، بل هو سبحانه أحد صمد، لا جوف له، ولا يدخل فيه شيء، ولا يخرج منه شيء.
وأما لفظة (رُوح الله) فيراد بها: الروح التي خلقها واصطفاها فأحبها. ولم يعبر أحد من الأنبياء عن حياة الله بأنها روح الله. وقد أخبر الله أنه أرسل إلى مريم روحه، فتمثل لها بشراً سوياً، وتبين أنه رسوله (جبريل)، فعلم أن المراد بالروح: مَلَك، وهو روح اصطفاها، فأضافها إليه، كما يضاف إليه الأعيان التي خصها بخصائص يحبها، كقوله: ﴿نَاقَةَ اللَّهِ﴾ [الشمس: ١٣]، وقوله: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحج: ٢٦]، وقوله: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ [الإنسان: ٦]. فسمى المسيح روحه؛ لأنه خلقه من نفخ روح القدس في أمه، فحبلت به أمه بنفخ الروح الذي نُفخ فيها، لم تحبل به من ذَكَر كغيره من الآدميين، ولم يخلقه كما خَلق غيرَه من أب آدمي. فلمّا خُلق من نفخ الروح ومن مريم؛ سُمي روحاً، بخلاف سائر الآدميين؛ فإن أحدهم يخلق من ذكر وأنثى، ثم ينفخ فيه الروح بعد مضي أربعة أشهر (١).
(١) ومَثَلُ عيسى كَمَثَل آدم، فإن الله خلق آدم من نفخ الروح وليس له أب، والمسلمون واليهود والنصارى متفقون على خلق آدم من نفخ الروح ومن غير أب.