للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصطفى محبوب الله (١)، وقال لداود في الزبور: «أنت ابني وحبيبي» وفي الإنجيل في غير موضع يقول المسيح: «أبي وأبيكم» فسماه أباً للجميع كقوله: «إني أذهب إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم» فيسميه أباً لهم، كما يسميهم أبناء له، فإن كان هذا صحيحاً؛ فالمراد بذلك أنه الرب المربي الرحيم، فإن الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها، والأب في لغتهم هو: (الرَّبُّ) الذي يربي عبده، أعظم مما يربي الأب ابنه. والابن هو: (المربَّىَ) المرحوم، فإن تربية الله لعبده أكمل من تربية الوالدة لولدها، فيكون المراد بالأب: الرب، والمراد بالابن عنده: المسيحَ الذي رباه.

[لغة الأناجيل واختلافها وعدم تواترها]

والمسيح كان لسانه عبرياً ولم يكن يتكلم إلا بالعبرية، كسائر أنبياء بني إسرائيل، وكذلك ألسنة الحواريين الذين اتبعوه أولاً، ثم إنه أرسلهم إلى الأمم يخاطبونهم، ويترجمون لهم ما قاله المسيح. ومن قال: إن لسانه كان سريانياً -كما يظنه بعض الناس- فهو غالط، فالكلام المنقول عنه في الأناجيل إنّما تكلم به عبرياً، ثم ترجم من تلك اللغة إلى غيرها (٢).


(١) في لغة اليهود العبرية القديمة؛ كل متمسك بالدين يسمونه: من عيال الله؛ بمعنى: الاصطفاء والمحبة والتربية. لكن المحرّفين من النصارى ترجموها حرفياً إلى: ابن الله، وحملوها على البنوة الطبيعية.
(٢) وقد غلط كذلك من ادعى أن لغة المسيح هي الآرامية، فقد كانت هناك حركة للترجمة من العبرية إلى الآرامية خاصة بعد التهجير البابلي، و (الترجوم) كلمة آرامية من الأصل الأكادي «تورجومانو» وهي تعني «مترجم» إلى اللغة الآرامية خاصةً، ويُطلَق هذا المصطلح على الترجمات الآرامية للكتاب المقدَّس، وأشهرها الترجوم المنسوب إلى أونكيلوس ٢٠٠ م.

<<  <   >  >>