والقرآن فيه التصريح بدعوة أهل الكتاب في غير موضع، كقوله تعالى: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ٦٤﴾ [آل عمران: ٦٤]. وقد كتب النّبي ﷺ بهذه الآية إلى قيصر ملك النصارى بالشام الذي اسمه هرقل.
وأهل نجران التي باليمن كانوا نصارى، فقدم عليه وفدهم ستون راكباً، وناظرهم في مسجده، وأنزل الله فيهم صدر سورة آل عمران. ولما ظهرت حجته عليهم، وتبين لهم أنه رسول الله إليهم، أمره الله إن لم يجيبوه أن يدعوهم إلى المباهلة، فاستعفوا من المباهلة، فصالحوه وأقروا له بالجزية عن يد وهم صاغرون، لما خافوا من دعائه عليهم؛ لعلمهم أنه نبي، فدخلوا تحت حكمه. ولم يلبث السيد والعاقب إلا يسيراً حتى رجعا إلى النبي ﷺ فأسلما، وأنزلهما دار أبي أيوب الأنصاري.
وكان قبل قصة نجران قد آمن به كثير من اليهود والنصارى، رؤساؤهم وغير رؤسائهم، لما تبين لهم أنه رسول الله إليهم، كما آمن به