وفي سنة ٥٦٣ قبل الميلاد أنجب هذان الأبوان طفلًا أطلقا عليه ""سذهاتا"" وماتت أمه في الأسبوع الأول من ولادته، فحضنته خالته "مهاياباتي" وشب الطفل في هذا النعيم العظيم، كما يشب أترابه من أبناء السادة والملوك، ووجد الدنيا كلها تحت أمره، والنعيم رهن إرادته وتهيأت له مفاتن الحياة، وانبسط الأمل أمام عينيه وتدفقت المسرات تحفه من كل جانب وبلغ مطلع الشباب، وهو يرفل في هذه النعمة كلمته مسموعة، ورأيه مطاع وسارع أبوه فزوجه من ابنة أحد الأمراء واسمها "ياسودهارا" ولم يطل الوقت حتى وُلد له ابن سموه "راهولا".
كان من الممكن أن يعبر "سذهاتا" الحياة، كما عبرها، ويعبرها آلاف مثله من الأمراء والملوك وكان من الممكن أن تنسيه مفاتن الحياة التي نعم بها تلك الآلام التي يعانيها البؤساء والأشقياء، وكان من الممكن أن يلهيه شبابه عن هرم الشيوخ، وصحته عن آلام المرضى، وحياته المرحة عن صور الموت والفناء، كما كان عند سواه، أو شغف بالحياة، كأن الشباب لا يهرم والصحة لا تنحل، والحياة لا تزول.
كان من الممكن أن يحصل هذا، ولكن ""سذهاتا"" لم يستسلم للملاذ والشهوات، ولم يفرغ لنفسه، ويستغرق في شهواته، وإنما عاش فردًا في مجموعة يفكر فيها، ويحس بإحساسها، لا بل الحق أن نقول: إن "سذهاتا" جذبه جانب الشر والألم في الحياة أكثر مما جذبه جانب النعيم والسرور، فلم يرضخ للحياة التي رُسمت له، وإنما رسم هو لنفسه حياة من طراز آخر على ما سيأتي تفصيله فيما بعد -إن شاء الله.
أفكار "سذهاتا" وفلسفته:
تروي الأقاصيص أن "سذهاتا" التقى مرة بشيخ عجوز واهن يتوكأ على عصاه ويوشك أن ينكفئ على صدره وقد احدودب