الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين الغر الميامين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فها أنا ذا أمضي قدمًا في الكلام عن الديانة المانوية، من بعد الكلام عن حياة "مانو". وبدأنا الكلام عن مبادئه، ونواصل القول في مبادئه وتعاليمه.
وبقي لنا الكلام عن الروح بمثابة مركز للفداء وما بعدها:
إن الشيء النموذجي الذي يعتبر ميزة خاصة في الدين الهندي الإيراني هو أنه يجب على هذا التمذهب جعل الروح مركزًا للعملية الفدائية، ويروي كتاب (القفالايا القبطي) الفصول المؤلف من مائة وإحدى وأربعين فصلًا، والذي يعالج صعود الروح بعد الموت، ما يلي:
تشاهد الروح مخلصها ومنقذها حالما تكون قد غادرت الجسد، وتصعد مع صورة سيدها والملائكة الثلاثة الذين معها، وتمثل بنفسها أمام قاضي الحق وتتسلم النصر.
ولنتحدث بشكل أكثر دقة: إن النص السابق مزيج من نصين متزامنين شاملين بشكل متبادل، وحسبما قال أحدهم: إن الروح تحقق النصر عند صعودها على أيدي شكل مؤلف من ثمانية، وبرفقته ثلاثة ملائكة، ومع ذلك يؤكد مقطع آخر من (القفالايا): أن الإله الخامس هو رمز النور الذي يظهر نفسه في الهيئة ذاتها التي يظهر بها الرسول لكل روح تغادر الجسد ومعها الملائكة الثلاثة العظام المتألقين، ويحمل الأول من بين هؤلاء الملائكة جائزة الانتصار في يده كما يحمل الملاك الثاني نداء النور، ويحمل الملاك الثالث التاج والإكليل، وتاج النور، هؤلاء هم ملائكة النور الثلاثة الذين يأتون مع الشخصية النورانية هذه، ويظهرون أنفسهم للفرد المختار وللمريدين.
إن الشخصية النورانية -المسماة في المثال الأخير باسم الإله الخامس- هي إظهار نؤوس. كما جرى تجلية في الرسول، وهذا إذًا هو الأسلوب الذي تم به تخيل كيف يعمل المخلص الذي خلق اللحم في شخصية يسوع وماني ورسل الله الآخرين، كما يظهر ملائكة المرافقة الثلاثة من جديد في