ويقول مولانا أبو المكارم: أزاد الذي كان وزيرًا للمعارف بالهند ما يلي عن ذلك الموضوع: يبدو لي أن وضع بوذا في صفوف الفلاسفة أسهل من وضعه في صف الأنبياء؛ وذلك لأنه لم يتعرض في مباحثه لله، بل حاول حل مسألة الحياة، وانتهى منها دون التحرش بالله وبوجوده، إنه قد قطع علاقة له مع الحياة الدينية في الهند التي كانت تدين بآلهة، وإلهات لا تعد، ولا تحصى.
إنه بدأ بحثه وفرغ منه دون أن يلجأ للاعتقاد بالله، وإن الأساس الذي بنا عليه بحثه أساس فلسفي، فقال: إن هدف الجهد الإنساني يجب أن يكون الوصول إلى حل مسألة الحياة، وذلك من المستطاع دون الاستعانة بوجود فوق العقل أجل أسرع أتباعه بعد وفاته إلى تحويل تعاليمه إلى مذهب ديني، ولما وجدوا أنه ترك المكان الذي يحتله الله في الأديان فارغًا عمدوا إلى بوذا نفسه، فحملوه ورفعوه إلى عرش الإله الفارغ، إلا أن بوذا ليس بمسئول عما فعله أتباعه.
وبعض المفكرين الغربيين يرون البوذية دينًا؛ لأنها ترسم الطريق للتخلص من الذنوب؛ لأن فيها جانبًا روحيًّا، ولأن معتنقيها كانوا يمتازون بحماسة قوية لا تتوافر إلا مع الأديان.
من تعاليم البوذية
لا عقائد بلا عمل: هذا الموضوع يرتبط بالموضوع السابق إذا كنا آنفا قلنا: إن بوذا ليس نبيًّا، لكنه فيلسوف فإننا هنا ننقل عن العلامة الهندي رادها "كريشنان" أن بوذا لم يكن نبيًّا؛ لأنه لم يقرر عقائد، ولم يكن كذلك فيلسوفًا؛ لأنه لم يؤسس مذاهب فلسفية، إنما أسس دعوته بناءً على تجربته الروحية التي لا يمكن بيانها بألفاظ.
فدعوته حكاية عن هذه التجربة، وعن الطريق المؤدي إليها، وبوذا إن الحق لا يعرف بالنظريات، بل يعرف بالسير المتواصل في طريقه، وفي ذلك يقول أيضًا: