إن عملي ملكي عملي ميراثي، وعملي هو الرحم الذي يحملني وعملي هو الجنس الذي أنتمي إليه، وعملي هو الملجأ الذي التجئ به.
فأساس النظام الذي يضعه بوذا العمل لا العقيدة؛ فقد كان يحاول خلق عادة لا إقرار عقيدة، وعلى هذا ليس في تعاليمه إلا القليل الذي يصح أن يصف بالعقيدة، كما أنه لم يأمر بعبادات، ولا رياضيات تقشفية، وكل إلحاحه كان على التدريب الأخلاقي، ومن التعاليم البوذية الجانب الأخلاقي.
أخلاق الجماعة البوذية:
هناك صلة بين البوذية والجينية في مسألة الأخلاق؛ فالجينية لهم فرقتان فرقة خاصة، وهم الرهبان المنقطعون للتبتل وعامة، وهم أتباع الجينية من غير الرهبان، أما في البوذية فلم تكن هناك طائفة خاصة بالأسس والرهبان، وكان أتباع بوذا جماعة واحدة يتعاون أفرادها على الوعظ والإرشاد يلتزمون حياة شعارها ضبط النفس من الشهوات، وليست هناك شعائر يتبعها من يريد الالتحاق بالبوذية، وعلى الراغب في الالتحاق بها أن يتنازل عن ماله وعقاره، ويحمل مخلاته للسؤال، وينضم إلى الجماعة ويتخلق بأخلاقهم.
ولعل من الممكن أن نقول: إن فكرة التخلص من الأموال لدخول البوذية قد تسربت إلى المسيحية، حيث يروي متى، ومرقص، ولوقا عن عيسى: أنه قال لشاب غني أراد أن يدخل المسيحية بِعْ أملاكك، وأعطي ثمنها للفقراء، وتعال اتبعني، فلم يقبل الشاب، فقال عيسى: يعسر أن يدخل غني ملكوت الله".
وليس ضبط النفس، وقهر الشهوات بدرجة واحدة بين أتباع بوذا، بل كانوا يتفاوتون في ذلك تبعًا لمقدرتهم الخاصة، ولاحترام الحياة إنسانية كانت، أو حيوانية.