الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فتعال بنا الآن نتحدث عن تعاليم ماني ومبادئه والوصول إلى القول بالاثنينية، أو القول بإله الخير وإله الشر؛ فنجد في تعاليم ماني هذه المبادئ؛ إرسال الإنسان الأول وهزيمته، عودة الإنسان الأول، استعادة ذرات النور، أسطورة إغواء الحكام الأراكنة، المقاييس المضادة للمادة، الروح بمثابة مركز للفداء، الإيمان بالآخرة، الفلك.
فنقول حول إرسال الإنسان الأول القديم وهزيمته:
يجعل أوغستين في إحدى المناقشات التي دارت مع المانويين، فاوست ينطق بالكلمات التالية: إنني أبشر أن هناك عنصرين رئيسين هما: الرب والمادة فأعزو كل ما هو شرير إلى المادة، كما أعزوا إلى الرب كل قوة خيرة، كما هو لائق به، ويتصرف فاوست هنا بمثابة تلميذ مخلص لماني؛ لأن عقيدة العنصرين الأسايين الرب والمادة قد قامت في محور نظام ماني الديني، ويمكن لهاتين المادتين الأبديتين اللتين لم تخضعا لأية عملية خلق أن تستمرا باسم النور والظلام، أو الحقيقة والكذب، وبالتالي يمكن اعتبار المفاهيم المجردة لحقيقة النور على أنها كائن هو الرب، في حين أن الكذب والظلام أي: المادة لم يلتقيا بشكل مطابق في تسمية مجردة فحسب، بل يمكن تجسيدهما على أنهما أمير الظلام، ومع ذلك فهو لا يعني أن المانويين قد اعترفوا بوجود إلهين، فيقول فاوست بخصوص ذلك: "لم يكن هناك أبدًا اسمان لإلهين في تفسيراتنا، فنحن نتعرف بوجود عنصرين رئيسن نسمي أحدهما الرب والآخر المادة، أو كما أقول عادة وبشكل مألوف الشيطان، يساوي هذا الرفض لمنح