للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغموض، فعاد بوذا يعلم تلاميذه أن لا يؤمنوا بالنظريات والعقائد، وألا يتكلموا عما بعد الموت، وأن يوجهوا عنايتهم للعمل، وكلماته في ذلك هي، يا أيها التلاميذ لا تسألوا أسئلة كهذه؛ فإنها عارية من كل نفع، ولا يقدر أحد على جوابها، هل تكلم يومًا الذي مات؟ إن السؤال عن الغيب وتجدد الحياة لا يجدي نفعًا، ولكنه يعذب العقل، وينهك القوى، عليكم بالسبيل النير الشريف؛ فإنه يوصلكم إلى السلام في هذه الحياة، واتركوا ما بعد هذه الحياة إلى اليد التي تولته من أول الكون، وعلى هذا عادت "النيرفانا" إلى الغموض.

ويزيد هذا الغموض عن قراءة ما نُسب إلى بوذا عنها وهو قوله لمريديه، أيها المريدون هي طور لا أرض فيه ولا ماء، لا نور فيه ولا هواء، لا فيه مكان غير متناهي ولا عقل غير متناهي ليس فيه خلاء مطلق، ولا ارتفاع الإدراك واللا إدراك معًا، ليس هو هذا العالم، وذاك العالم لا فيه شمس، ولا قمر، أيها المريدون هي طور لا أقول عنه بإتيان، ولا بذهاب، ولا بوقوف، لا يموت، ولا يولد هي من غير أساس من غير مرور من غير انقطاع ذلك نهاية الحزن.

ويقول العلامة "رادها كريشنن": إن بوذا رفض أن يشرح "النيرفانا"، وعلى هذا لا يجدي نفعًا أن نحاول فهمها، بل ربما كانت اللغات البشرية لا تستطيع شرح "النيرفانا"، ولكن لا تزال لدينا معلومات تقودنا إلى أسلم طريق لإيضاح "النيرفانا" ويبدو مما لدينا من مراجع أن "النيرفانا" مرت بمراحل تاريخية فقد كان مفهومها عند بوذا أول الأمر أنها الاندماج في الله والفناء فيه، ولكن أفكار بوذا تغيرت بالنسبة في التفكير في الله، فقد تخلى عن القول بأن هناك إله بل أنكر وجود الإله، كما سنبينه في معتقدات هذه الديانة -إن شاء الله- وبناءً على هذا الإنكار لم تعد "النيرفانا" الاندماج في الله، بل اتخذت لها معنى جديدًا، أو قل أحد معنيين متلاحقين هما:

<<  <   >  >>