المادة، وينتظم في دنيا الروح، وهيهات أن تجد هندوسيًّا لا يعبد عددًا من الآلهة؛ فالعالم عنده زاخر بها، حتى أنه يصلي للنمر الذي يفترس أنعامه، ولجسر الخط الحديدي الذي يصنعه الأوروبي، وللأوروبي نفسه عند الاقتضاء.
وقد عرف الهنود القُدماء عبادة الحيوانات، وبخاصة البقرة، كما عرفوا قوى الطبيعة، وعرفوا كذلك عبادة عضو التلقيح؛ معتقدين أنه سبب الخلق، وكان هذا الإله يسمى عندهم "لينجا" وهي من اشتقاق كلمة إنجليزية "لينك" أي: صلة ورابطة، وفي العصور الآرية اندمج هذا الإله في الإله الذي تكون منه الثالوث الهندي، وعبادة الهنود للحيوانات نشأت عن الفكر التوطمي، أو عن اعتقادهِ بأن الله يتجلى في بعض الأحياء؛ فيحل فيها فيحتمل حلوله في هذا الحيوان أو ذاك، أو لأنهم آمنوا بالتناسخ، فجاز عندهم أن يكون الحيوان جدًّا قديمًا، أو صديقًا عائدًا إلى الحياة.
وقد كان للبقرة من بين الحيوانات قدسية خاصة، ولذلك سنخصها بالذكر فيما يلي، ثم نتكلم بعد الحديث عنها عن آلهة الهنود من الظواهر الطبيعية.
عبادة البقرة:
من بين المعبودات سالفة الذكر: حظيت البقرة في الهند بأسمى مكانة، وهي من المعبودات الهندية التي لم تضعف قداستها مع كر السنينن وتوالي القرون؛ ففي "الويدا" حديث عن قدسيتها والصلاة لها، ولا تزال البقرة حتى الآن تحتفظ بهذه القدسية؛ ففي الأدب المنسوب للمهاتما غاندي، تفسير لما حظيت به البقرة قديمًا وحديثًا من نفوذ ديني.